وقد كان الموقف يتطلب من أبي بكر إذا كان يريد ان يقدم في نفسه زعيماً لتلك الساعة تأبيناً للفقيد الأعظم يتّفق مع العواطف المتدفقة بالذكريات والحسرات يومئذ.
ومن الذي كان يعبد سيد الموحدين حتى يقول من كان يعبد محمداً فانه قد مات وهل كان في كلام عمر معنى يدلّ على انّه كان يعبد رسول الله (ص) أو كانت قد سرت موجة من الارتداد والالحاد في ذلك المجتمع المؤمن الذي كان يعتصر دموعه من ذكرياته وصبره وتماسكه من عقيدته حتى يعلن لهم ان الدين ليس محدوداً بحياة رسول الله لأنّه ليس بالاله المعبود.
اذن فلم يكن لكلام أبي بكر الذي خاطب به الناس صلة بموقفهم ولا علاقة برأي عمر ولا انسجام مع عواطف المسلمين في ذلك اليوم وشؤونهم وقد سبقه به غيره ممن حاول مناقشة الفاروق كما سيأتي.
وكان يعاصر هذا الإجتماع الذي تكلمنا عنه اجتماع آخر للانصار عقدوه في سقيفة بني ساعدة برئاسة سعد بن عبادة زعيم الخزرج ودعاهم فيه إلى اعطائه الرئاسة والخلافة فأجابوه ثم ترادوا الكلام فقالوا فان أبى المهاجرون وقالوا نحن أولياؤه وعترته فقال قوم من الأنصار نقول منا أمير ومنكم أمير فقال سعد فهذا أوّل الوهن وسمع عمر الخبر فأتى منزل رسول الله صلىاللهعليهوآله وفيه أبو بكر فارسل إليه ان اخرج اليّ فارسل انّي مشغول فارسل إليه عمر ان اخرج فقد حدث أمر لابد ان تحضره فخرج فأعلمه الخبر فمضيا مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة فتكلم أبو بكر فذكر قرب المهاجرين من رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنهم أولياؤه وعترته ، ثم قال نحن الأمراء وأنتم الوزراء لا نفتات عليكم بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور ، فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فانّ الناس في ظلكم ولن