البحث السندي
لخبر رجوع ابن عبّاس إلى الغسل
هذه هي مجموعة من الأسانيد الّتي تمسّك بها المستدلّ على رجوع ابن عبّاس إلى الغسل (١) ، وهي غير كافية لإثبات الدعوى ، لعدم إمكان الاعتماد عليها سندا ودلالة.
أما سندا ، فإن هذه الطرق تنتهي إلى طريقين :
الأول منهما : هو ما وقع في طريق الطحاوي إلى ابن عبّاس ، والّذي رواه (عبد الوارث عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران) وهؤلاء الثلاثة متكلّم فيهم ، خصوصا علي بن زيد الضعيف ، ولا أحسب أن أحدا احتج برواية فيها علي هذا ، أضف إلى ذلك أنّ ابن كثير أخرج الرواية في تفسيره بنحو آخر وهو : حدّثنا علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عبّاس (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) قال : هو المسح. وهذا النص في تفسير ابن كثير يسقط خبر الغسل عن الحجية والاعتبار لمعارضته لها.
وعلى كلّ حال ، فالطريق الأول ضعيف لا يمكن الاحتجاج به كما عرفت.
وأما الطريق الثاني : وهو الّذي رواه خالد عن عكرمة عن ابن عبّاس (٢) ، فإنّ خالدا فيه شيء ـ كما مرّ عليك من غمز شعبة له وتكلّمه فيه ـ بل تخوفه من أن يذكر معه في رواية ما عند أهل البصرة الذين لا يعتبرونه ولا يأخذون بما يرويه. وقد عرفت إن إعراض أهل البصرة عنه ليس لمجرد سوء حفظه بل لأمور أخرى قد عرفت بعضها ، لأنّ سوء الحفظ لوحدة لا يوجب الإعراض عنه ، فأهل البصرة قد حدّثوا عن عدد كثير ممّن تكلّم في حفظهم وضبطهم من الرواة!!
__________________
(١) وحكي مثلها من صحابه آخرين.
(٢) والذي وقع في الطرق الثلاث الأول.