نعمتهم عليه أبدا ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص الولاية وفيهم الوصيّة والوراثة. وكان قد قال قبلها عن آل النبيّ صلىاللهعليهوآله : هم موضع سرّه ولجأ أمره ، وعيبة علمه ، وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه ، بهم أقام انحناء ظهره ، وأذهب ارتعاد فرائضه) (١).
وفي كلام آخر له يذكر فيه آل محمد : (هم عيش العلم ، وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، وهم دعائم الإسلام ، وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحق إلى نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعائه ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل) (٢).
وفي آخر : (انظروا أهل بيت نبيكم ، فألزموا سمتهم واتّبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى ، ولن يعيدوكم في ردى ، فإن لبدوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم فتضلّوا ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا) (٣).
حال الأمّة في عهد عليّ بن أبي طالب
وقال عليهالسلام في بيان الأسباب التي تهلك الناس : (وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها! لا يقتصون أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب ، يعملون في الشبهات ، ويسيرون في الشهوات ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المهمات على آرائهم ، كأن كلّ امرئ منهم إمام نفسه ، قد أخذ منها فيما يرى بعرى ثقات ، وأسباب محكمات) (٤).
وقد قال عليهالسلام لمّا انصرف من صفين :
(.. والناس في فتن انجذم فيها حبل الدين ، وتزعزعت سواري اليقين ،
__________________
(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ٤٧.
(٢) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ٣٥٨.
(٣) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ١٤٣.
(٤) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ١٢١ / ٨٧.