فقال : ادع عليهم.
فقلت : أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرّا لهم منّي) (١).
وفي كلام له : .. وإنّما الأئمة قوّام اللّٰه على خلقه ، وعرفاؤه على عباده ، ولا يدخل الجنة إلّا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه ..) (٢).
توضح لنا هذه النصوص امتداد النهجين بعد رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وتصدّر قريش المعارضة بعد رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، بعد أن عارضته في حياته ، وقد مرّ عليك حكاية الإمام علي عليهالسلام طلبهم من رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله أن يأتيهم بالشجرة التي أمامه ، ولما أتاهم بها قالوا إنّه ساحر.
نعم إنّ قريشا قد نقضت البيعة ، وثلمت حصن اللّٰه بأحكام الجاهلية ، وفي عهدهم أرز المؤمنون ونطق الضالّون المكذّبون وتصدّر الجهّال لأمور الدين ، وحكّموا العصبية والقبلية في الشريعة ، وعملوا بغير علم «فلا يزيده بعده عن الطريق الواضح إلّا بعدا من حاجته ، لأنّ العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح ، فلينظر ناظر ، أسائر هو أم راجع» (٣).
وقد وضّح الإمام بخطبة ورسائله انحراف الأمّة عن الشريعة ، وتحكيم الرأي والبدع والأهواء فيها ، مؤكّدا عليهالسلام لزوم اتّباع أهل البيت ، لأنّ الابتعاد عنهم يعني الخروج عن الجادّة والسير على غير هدى ، وقد صنف الإمام الناس إلى رجلين : متّبع شرعة ، ومبتدع بدعة ليس معه من اللّٰه سبحانه برهان سنة ولا ضياء حجّة.
في آخر عرّف أهل البيت بأنهم «الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ولا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها ، فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقا» «وإنّ من سلك الطريق الواضح ورد الماء ، ومن خالف وقع في التيه». وكان قد قال قبلها «أيّها الناس لا تستوحشوا من طريق الهدى لقلة أهله ، فإنّ الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل».
كل ذلك وهو يؤكد على مكانته من رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وأنه كان يتّبعه اتّباع الفصيل
__________________
(١) نهج البلاغة : ٩٩.
(٢) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ٢١٢.
(٣) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ٢١٦.