سنة ٦٣ ه وهو ابن سبعين سنه (١) ، وقتل معه ابناه خلّاد وعليّ.
فقد كان عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم إذن من المخالفين للدولة الأموية والمقتولين بسيفهم ، وقد جاد بنفسه محاولا رفع الإبداع والظلم الذي حاق بالدين ، بالمسلمين ، وهذا ما يجعله ـ بالطبع ـ هدفا لسهام الأمويين لتشويهاتهم له فقها وسياسة وموقفا ، كما سترى ، وهو ما يجعلنا نتوقف في شأن كل ما ينسب إليه من آراء تؤيّد الموقف والرأي الفقهي والسياسي الأموي.
جئنا بهذه التقدمة التاريخيه للإشارة إلى أنّ التخالف السياسي قد يؤدي إلى التخالف الفقهي ، بمعنى : إنّ الاتجاه الحاكم ـ نظرا لموقعيته وظروفه ـ قد يصرّ على تطبق مفردة خاصة لما يرى فيه من مصلحة. وهذا ليس بدعا في التاريخ ـ لما قدمناه لك من شواهد في هذه الدراسة ـ وقد كان في نسبة الخبر إلى ابن عباس تفسير لظاهرة اختلاف النقل عن الصحابي الواحد ، وفي نسبة الخبر إلى علي بن أبي طالب قد وضحنا دور القرشيين في الشريعة وأخذهم بالرأي والاجتهاد قبال النص ومخالفته نهج التعبد المحض معهم ، والآن مع بيان تخالف الأنصار مع المهاجرين فقها وسياسة.
وبكلامنا هذا لا نعني أنّ الأنصار كانوا جميعا من نهج التعبد المحض أو أنّهم لم يخالفوا عليا أو سنّة رسول اللّٰه قط.
وكذا لا نعني أنّ فقه القرشين يخالف النصوص في جميع الأحيان ، بل الذي نريد قوله أنّ أمر الاجتهاد والذهاب إلى أحكام أخرى مصلحة هي أقرب إلى الفهم القرشي من الأنصاري. لكون الأوّل هو الحاكم فلا بدّ من تطبيق رأيه ، أما الأنصاري فليست له مصلحة أو هدف في هذا التغيير ، وإن كان من بينهم من يذهب إلى آراء مخالفة للنصوص اجتهادا من عند نفسه.
وقد نقلنا سابقا نصوصا دالة في تبني الاتجاه الحاكم لمذهب الشيخين وغيرهم من الخلفاء فلا يستبعد بعد هذا أن يرجح الرأي الفقهي المنتزع من الاجتهاد على الرأي الفقهي المأخوذ من النص. وخصوصا حينما عرفنا دور الأمويين في تحريف الأحكام وتأكيدهم على فقه عثمان.
__________________
(١) تهذيب الكمال ١٤ : ٥٤٠ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٢٢٣ ، شذرات الذهب ١ : ٧١.