الغفاري وعبد اللّٰه بن مسعود الهذلي وعقبة بن عامر الجهني.
وأمّا المعارضون لفقه عثمان فكثر لكن الحق أنّ معارضته الفقهية لم تقتصر على الأنصار ، بل كانت المعارضة من كليهما ، كما كان ذلك في معارضته السياسية والمالية والادارية ، لأنّ عثمان ـ وهو المعني بالوضوء هنا ـ أراد صياغة مشروع أمويّ سياسي فقهي ، فنجح في بعض وأخفق في بعض.
لقد كان أوّل تحرّك قرشي اجتهادي صدر في بداية خلافة عثمان ، هو رأي عمرو بن العاص بدرء الحدّ عن عبيد اللّٰه بن عمر رغم إجماع المهاجرين والأنصار على كلمة واحدة يشجّعون عثمان على قتله ، إلّا أنّ المعارضة سرعان ما انخفض صوتها ، ولم يبق إلّا صوت علي ثابتا ـ حتّى فرّ منه ابن عمر أيّام خلافته ـ ، وصوت محمود بن لبيد الأوسي الأنصاري ، وزياد بن لبيد البياضي الأنصاري ، الذي بقي يعرّض بعبيد اللّٰه بالشعر ، فنهاه عثمان ، فقال في ذلك :
أبا عمرو عبيد اللّٰه رهن |
|
فلا تشكك بقتل الهرمزان |
فإنك إن غفرت الجرم عنه |
|
و أسباب الخطإ فرسا رهان |
أتعفو إذ عفوت بغير حقّ |
|
فمالك بالذي تحكي يدان (١) |
وقدم عثمان الخطبة على صلاة العيدين ، خلافا لسنة رسول اللّٰه الثابتة في الصلاة ثمّ الخطبة ، وكان أبو سعيد الخدري ، وجابر الأنصاري ، والبراء بن عازب ، وأنس بن مالك ، كلّهم ممّن رووا خلاف ما فعل عثمان ، واستمرّ مروان بن الحكم الأموي القرشي على نهج عثمان ، فراح ليصعد على المنبر قبل الصلاة فجذبه أبو سعيد الخدري ، فجذبه مروان وارتفع فخطب ، فقال أبو سعيد : غيّرتم واللّٰه (٢).
وعلّم أبيّ بن كعب الخليفة عثمان حكم رجل طلّق امرأته ثمّ راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة (٣).
وأمّا فقه الإمام علي فإننا بدراسة مفصلة لفقه الصحابة حصلنا على نتيجة مفادها التقارب الشديد في المسائل المختلف فيها بين فقه علي والأنصار ، والتنافر بين
__________________
(١) انظر تاريخ الطبري ٥ : ٤١ ، الغدير ٨ : ١٣٤.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ١١١ ، صحيح مسلم ١ : ٢٤٢ ، مسند احمد ٣ : ١٠ ، ٢٠ ، ٥٢ ، ٥٤ ، ٩٢.
(٣) السنن الكبرى ٧ : ٤١٧.