معاوية لم يكن لتعبده بقول رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله بل جاء اجتهادا من عند نفسه ، ولما رجاه من فائدة ومصلحة في هذا الأمر!!
تأثر العرب بيهود الجزيرة
كل ما مر كان بمثابة المقدمة الأولى لما نريد قوله هنا ، والآن مع مقدمة أخرى نأتي بها لتوضيح ما نبغي إليه.
نحن قد وضّحنا في بحوثنا عن (السنّة بعد الرسول) أنّ عرب شبه الجزيرة لم تكن لهم مدنية راقية ولا ثقافة عالية قبل الإسلام (١) ، وأنّهم قد تأثروا كثيرا بالوافدين إليهم كيهود فلسطين و .. ، إذا كانوا يرجعون إليهم في كثير من الأمور ، لكونهم قادمين من حضارات عريقة (كالروم والفرس و ..) ويحملون معهم أخبار الديانات والمغيبات ، وأنّهم كانوا أصحاب كتب ومدوّنات ، فكان العرب ينظرون إليهم نظر التلميذ إلى معلّمه ، ويعدّوهم مصدر الثقافة الدينيّة والعمليّة لهم ، فما عرض الإسلام على قبيلة أو عشيرة منهم إلّا وهرعوا إلى مناطق اليهود يستفتونهم في قبول هذا الأمر أو ردّه.
وممّا جاء في هذا الأمر
١ ـ أنّ رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله دعا قبيلة كندة إلى الإسلام ، فأبوا قبوله ، فأخبرهم شخص أنّه سمع من اليهود أنّهم قالوا : إنّه سوف يظهر نبي من الحرم قد أطلّ زمانه وهذا الخبر دعاهم للتثبت أكثر في الأمر ، ثم قبوله.
٢ ـ نجد قبيلة بكاملها تذهب إلى يهود فدك لتسألها عن قبول الإسلام أو ردّه (٢).
٣ ـ جاء في الإصابة : أنّ وفد الحيرة وكعب بن عدي أسلما على يدي رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، ولمّا توفى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ارتابوا إلّا كعبا
__________________
(١) انظر مقالنا في مجلة تراثنا العدد ٥٣ ـ ٥٤ السنّة الرابعة عشرة. دلائل النبوة ، لأبي نعيم : ١١٣.
(٢) البداية والنهاية ٣ : ١٤٥ ، دلائل النبوة لأبي نعيم : ١٠٢.