فإنّه استدل على إسلامه بقوله : إنّى خرجت أريد المدينة فمررت براهب كنّا لا نقطع أمرا دونه .. (١)
٤ ـ نقل ابن عباس عن حيّ من الأنصار كانوا أهل وثن ، أنّهم كانوا يرون لليهود المجاورين لهم فضلا عليهم في العلم ، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم (٢).
إلى غير ذلك من النصوص الدالّة على اعتقاد عرب شبه الجزيرة قبل الإسلام باليهود ، وأنّهم أهل الفصل والعلم ، وممّن يرجع إليهم في أمر الحياة والدين.
وقد حذّر اللّٰه ورسوله المؤمنين من اليهود في عدة آيات من الذكر الحكيم ، وعدّهم القرآن أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا فقال تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ..) (٣) ، لأنّه سبحانه كان مطّلعا على نواياهم وسرائرهم وأنّهم هم الذين يحرّفون الكلم عن مواضعه ، ولا يستقبحون الكذب والافتراء على اللّٰه ورسوله في حين أنّهم (يَعْرِفُونَهُ كَمٰا يَعْرِفُونَ أَبْنٰاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٤) وجاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية خوفا من اليهود ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم لزيد : إنّي أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا عليّ أو ينقصوا فتعلم السريانية (٥).
وروي عن عمر أنّه قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّا نسمع أحاديث من يهود ، تعجبنا ، أفترى أن نكتبها؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمتهوكون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية (٦).
وروى الخطيب بسنده عن عبد اللّٰه بن ثابت الأنصاري قال : جاء
__________________
(١) الإصابة ٣ : ٢٩٨.
(٢) الاسرائيليات وأثرها في كتب التفسير : ١٠٩.
(٣) سورة المائدة ٥ : ٨٢.
(٤) سورة البقرة ٢ : ١٤٦.
(٥) تاريخ دمشق ٦ : ٢٨٠ ، الطبقات الكبرى ٢ : ١١٥.
(٦) النهاية ، لابن الأثير ٥ : ٢٨٢ ، حجية السنّة : ٣١٧ ، جامع بيان العلم وفضله ٢ : ٤٢.