دلس عن أربعة من الصحابة.
والّذي عليه جمهور أهل التحقيق من أئمّة الحديث أنّ المدلّس لو عنعن فإنّه لا يقبل منه ، وروايته ساقطة عن الحجية على ما هو صريح الحاكم (١) والطيبي (٢) وابن كثير (٣) والنووي (٤) والعراقي (٥) والسخاوي (٦) والسيوطي (٧) وابن الصلاح (٨) والجرجاني (٩). وغيرهم (١٠).
قال العراقي في ألفيّته :
وصحّحوا وصل معنعن سَلِم |
|
من دَلسِهِ راويه واللقا عُلِم |
(١١) وحاصل كلام العراقيّ أنّ العلماء حكموا على الحديث المعنعن بالصحّة لو سلم راويه من التدليس وعلم لقاؤه أو سماعه ممّن حدّث عنه ، وإلّا فلا يعتمد عليه.
فإن قلت : إنّ الحديث المعنعن الذي يرويه مدلّس ، إنّما هو ليس بحجّة في غير الصحيحين ، وأما في الصحيحين فهو حجة ، لأنّه محمول على الاتّصال والسماع من جهة أخرى ، فقد قال النووي :
__________________
(١) معرفة علوم الحديث : ٣٤.
(٢) الخلاصة في أصول الحديث : ٧١.
(٣) اختصار علوم الحديث : ٤٦.
(٤) تقريب النووي (المطبوع مع شرح الكرماني) ١ : ٧.
(٥) فتح المغيث ١ : ١٧٩ وط اخرى ١ : ١٥٥.
(٦) فتح المغيث ١ : ١٧٩ وط اخرى ١ : ١٥٥.
(٧) تدريب الراوي ١١٣ وط أخرى ١ : ٢١٤.
(٨) مقدمة ابن الصلاح : ١٥٢.
(٩) ظفر الأماني بشرح مختصر الجرجاني ، للكنوي : ٣٩٤.
(١٠) كالقاسمي في قواعد الحديث : ١٢٧.
(١١) قوله «واللقا علم» قيد لإخراج المرسل عن غيره ، لأنّ المرسل هو أن يحدّث الراوي عمّن لم يعاصره ويلقاه كأن يروي التابعيّ عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وأمّا التدليس فهو أن يحدّث عمّن لقيه أو عاصره في حين لم يسمع ذلك منه ، فلقاء الراوي أو معاصرته لمن يحدّث عنه وعدمه هو المائز بين الحديث المرسل والمدلّس ، فلا يخفى عليك ذلك.