تعبّديّا لصحّة النافلة ، كما يقتضيه الجمود على ظواهر أغلب الأخبار الناهية ، وعليه يبتني استدلال القائلين بالمنع ، أو شرطا لكمالها ، كما هو أقرب المحامل في بعض تلك الأخبار على القول بالجواز.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : أمّا صحيحة زرارة ، الأخيرة : فقد عرفت قوّة احتمال اتّحادها مع الأولى ، وأنّها على تقدير المغايرة لا تنهض دليلا لإثبات المدّعى.
وأمّا صحيحته الأولى : فالاستدلال بها للمشهور إنّما يتّجه على تقدير العمل بظاهرها في موردها ، أي في ركعتي الفجر ، وهو خلاف المشهور ، بل لم ينقل القول به إلّا عن ابن الجنيد (١) والشيخ في كتابي الأخبار (٢) ، وتبعهما في ذلك صاحب الحدائق (٣).
وقد عرفت فيما سبق أنّ الأقوى خلافه ، وأنّ المتّجه حمل الصحيحة على استحباب البدأة بالفريضة عند طلوع الفجر ، وعدم تأخير الركعتين إلى ذلك الوقت كي تزاحم بهما الفريضة في أوّل وقتها ؛ جمعا بينها وبين المعتبرة المستفيضة التي هي نصّ في جواز تأخيرهما عن الفجر.
فما عن بعض من دعوى صراحة هذه الصحيحة في الحرمة من جهة المقايسة والتنظير بما هي معلومة فيه (٤) لا يخلو عن نظر ، مع أنّه على تقدير تسليم صراحتها فيما ذكر وعدم قبولها للتوجيه ، لتعيّن ردّ علمها إلى أهله ، كما تقدّم الكلام فيه مفصّلا ، فراجع.
__________________
(١) تقدّم تخريج قوله في ص ٢٧٦ ، الهامش (١).
(٢) راجع : التهذيب ٢ : ١٣٤ ، ذيل ح ٥٢٣ ، وص ١٣٥ ، ذيل ح ٥٢٥ ، والاستبصار ١ : ٢٨٥ ، ذيل ح ١٠٤٥ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٢٤٠.
(٣) الحدائق الناضرة ٦ : ٢٤٠.
(٤) رياض المسائل ٢ : ٢٣٣ ، وراجع : جواهر الكلام ٧ : ٢٤٨.