وأمّا صحيحته الثانية : فهي إنّما تدلّ على المنع عن التطوّع لمن عليه قضاء ، وهي مسألة أخرى سيأتي التكلّم فيها.
ودعوى أنّ الحاضرة أولى بهذا الحكم من الفائتة ، ممنوعة ، خصوصا على القول بالمضايقة في القضاء ، كما هو واضح.
وأمّا سائر الروايات : فالمراد بوقت الفريضة فيها بحسب الظاهر هو وقتها الذي أمر فيه بأن يبدأ بالفريضة ويترك عنده النافلة ، وهو بالنسبة إلى الظهرين بعد الذراع والذراعين ، وبالنسبة إلى العشاء بعد ذهاب الشفق ؛ فإنّ المراد بالنافلة في هذه الروايات إمّا خصوص الراتبة ، كما يشهد له الأمر بقضائها في جملة منها ، والتعبير بنفي الضرر عن ترك ما قبلها من النافلة في خبر (١) زياد ، أو الأعمّ منها ومن المبتدأة ، لا خصوص المبتدأة ، كما لا يخفى ، فلا يستقيم حينئذ حمل وقت المكتوبة على إرادة مطلق وقتها الذي يجوز إيقاعها فيه حتّى يتّجه الاستدلال بها لمذهب المشهور.
ودعوى أنّ مقتضى إطلاق قوله عليهالسلام في أغلب تلك الأخبار : «إذا دخل وقت الفريضة فابدأ بها» أو «فلا تطوّع» (٢) أو نحو ذلك : إنّما هو إرادة مطلق وقتها الذي يجوز إيقاعها فيه ، لا خصوص ما بعد الذراع والذراعين أو وقت الفضيلة ، وإرادة هذا المعنى من بعض الأخبار لا تصلح شاهدة لحمل ما عداها عليه ، وإنّما رفعنا اليد عن هذا الظاهر بالنسبة إلى النوافل المرتّبة المأتيّ بها أداء بواسطة الأخبار الدالّة عليه ، التي هي أخصّ مطلقا من هذه الروايات ، مدفوعة : بأنّ
__________________
(١) تقدّم الخبر في ص ٣١٨.
(٢) راجع : ص ٣١٨ و ٣١٩.