وذلك لأنّ الظهر متقدّمة في الرتبة على العصر ، فإذا كان المكلّف قادرا على الإتيان بها مستقبلا للقبلة من غير أن يترتّب عليه محذور شرعي ، وجب عليه ذلك. وكونه موجبا لعدم رعاية الاحتياط في العصر لا يصلح عذرا في إهماله بالنسبة إلى الظهر المتقدّمة عليها في الرتبة بعد كون وجوب الاستقبال في العصر مشروطا بالتمكّن ، وعدم كون رعايته بالنسبة إليها أولى منها بالنسبة إلى الظهر ، كما هو الشأن في جميع الشرائط الاختياريّة التي دار الأمر بين إهمالها بالنسبة إلى الظهر أو العصر ، كالطهارة المائيّة والستر والاستقرار وغير ذلك ، فيجب في مثل الفرض الإتيان بظهر اختياريّة حتّى يتحقّق عجزه بالنسبة إلى العصر ، فيأتي بها بعد تحقّق العجز على حسب ما يقتضيه تكليفه.
نعم ، لو دار الأمر بين الإخلال بشرط اختياريّ في الظهر وآخر أهمّ منه في العصر ، أمكن الالتزام حينئذ بالتخيير أو أولويّة رعاية الأهمّ بل لزومها ؛ إذ لا يبعد أن يقال : إنّ رعاية الأهمّ ـ كرعاية أصل فريضة العصر ـ عذر شرعيّ في الإخلال بغير الأهمّ من الظهر ، وهذا بخلاف مثل المقام ونظائره ممّا لا أهمّيّة في البين ، فلا وجه حينئذ للإخلال بشرائط الظهر رعاية لأمر العصر المتأخّر عنها في الرتبة ، ولذا لا يتوهّم أحد في المستحاضة التي وظيفتها الوضوء لكلّ صلاة إذا لم تجد الماء إلّا لوضوء واحد أنّه يجوز لها حفظ الماء للعصر ، والدخول في الظهر بتيمّم.
(والمسافر) كالحاضر (يجب عليه استقبال القبلة) في الصلوات الواجبة (ولا يجوز له أن يصلّي شيئا من الفرائض) اليوميّة وغيرها (على الراحلة إلّا عند الضرورة) إذا كان ذلك مفوّتا للاستقبال أو غيره من الأمور