«لا بأس به عند الضرورة والشدّة» (١).
والمراد بالضرورة ـ على ما ينسبق إلى الذهن من النصوص والفتاوى ـ إنّما هو الضرورة العرفيّة الصادقة عند استلزام النزول عن الراحلة والإتيان بصلاة اختياريّة مشقّة شديدة لا تتحمّل عادة أو خوفا على نفس أو مال يعتدّ به أو نحو ذلك ممّا يعدّ بنظر العرف تكليفا حرجيّا.
وكأنّ هذا هو المراد بالضرورة الشديدة الواردة في بعض الأخبار المتقدّمة (٢) ، لا ما هو أخصّ من ذلك ـ كما قد يتوهّم ـ بشهادة عمومات أدلّة نفي الحرج وغيرها ممّا عرفت ، مع أنّه أنسب بإطلاق استثناء المريض الجاري مجرى الغالب ، كما لا يخفى.
ولا ينافي ذلك خبر منصور بن حازم ، قال : سأله أحمد بن النعمان فقال : أصلّي في محملي وأنا مريض؟ قال : فقال : «أمّا النافلة فنعم ، وأمّا الفريضة فلا» قال : وذكر أحمد شدّة وجعه ، فقال : أنا كنت مريضا شديد المرض فكنت آمرهم إذا حضرت الصلاة فينحّوني (٣) فأحتمل بفراشي فأوضع وأصلّي ثمّ أحتمل بفراشي فأوضع في محملي (٤) ، فإنّه محمول على ما إذا لم يستلزم مشقّة شديدة ؛ لعدم صلاحيّة هذه الرواية مع إضمارها لمعارضة ما عرفت.
__________________
(١) الاحتجاج : ٤٨٨ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القبلة ، ح ١١.
(٢) في ص ١١١.
(٣) في التهذيب بدل «فينحّوني» : «ينيخوابي». وفي الوسائل : «ينيخوني».
(٤) التهذيب ٣ : ٣٠٨ / ٩٥٣ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القبلة ، ح ١٠.