فما عن بعض من القول بوجوبه (١) ضعيف.
بل قد يتخيّل ضعف هذا القول ولو مع قطع النظر عن الخبرين الصريحين في خلافه ، بدعوى عدم صلاحيّة الروايتين الأخيرتين ـ الظاهرتين في اشتراط الاستقبال حال التكبير ـ لتقييد مطلقات الباب ، لا لإبائها عن التقييد ، كما لا يبعد دعواه في بعضها ، كخبر إبراهيم ، المتقدّم (٢) ، بل لما حقّقناه مرارا من أنّه لا مقتضي لحمل المطلق على المقيّد في المستحبّات.
ولكن يرد عليه : أنّ هذا فيما إذا كان الكلام المطلق مسوقا لبيان الحكم التكليفي ، لا لبيان كيفيّة العمل الذي لم تثبت مشروعيّة مطلقه ، كما فيما نحن فيه ، وإلّا فحاله حال الواجبات ، كما لا يخفى وجهه على المتأمّل.
وهل تجوز صلاة النافلة مستقرّا بلا استقبال اختيارا ، كما هو ظاهر المتن ، أم لا تجوز ، كما نسب إلى المشهور (٣)؟ فيه تردّد : من عدم معهوديّة الصلاة مستقرّا إلى غير القبلة لدى المتشرّعة ، بل لعلّهم يرونها من المنكرات ، خصوصا إذا كانت ذات ركوع وسجود ، فيكشف ذلك عن عدم ثبوت الرخصة فيها شرعا ، وإلّا لعرفها المتشرّعة ، بل شاع فعلها كذلك عند عروض الأشياء المقتضية لترك الاستقبال ، ومن أنّه لا عبرة بسيرة المتشرّعة في العدميّات ، ومغروسيّة كيفيّة خاصّة في أذهانهم لا تكشف عن عدم شرعيّة ما عداها ، وعدم معهوديّته لديهم يمكن أن يكون ناشئا من أفضليّة الاستقبال وسهولته وندرة الحاجة إلى التخطّي
__________________
(١) ابن إدريس في السرائر ١ : ٣٣٦ ، وحكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٤٨.
(٢) في ص ١٣٩.
(٣) نسبه إلى المشهور الشهيد في غاية المراد ١ : ١١٧ ـ ١١٨ ، وصاحب كشف اللثام فيه ٣ : ١٥٠.