وإن لم يتجدّد عنده شكّ ولكن عثر على أمارة أوثق ممّا عوّل عليه ، أو احتمل حدوث أمارة كذلك احتمالا يعتدّ به ، فهو أيضا كما لو عرضه الشكّ ، وجب عليه الفحص عن حالها ؛ إذ لا يصدق اسم التحرّي والاجتهاد ـ الذي ورد الأمر به في النصوص ـ إلّا بذلك.
نعم ، لو كان ذلك في أثناء الصلاة وتوقّف الفحص والتحرّي على قطعها ، أمكن الالتزام بعدم الالتفات إليه ما لم يكن مؤثّرا في زوال ظنّه ؛ إذ لا ينسبق إلى الذهن من الأدلّة ابتناء أمر الاجتهاد على هذه المرتبة من الضيق ، بل أمره أوسع من ذلك على ما يتبادر من أدلّته (١) ، والله العالم.
ولو كان تجدّد الشكّ بعد الصلاة ، فاجتهد (٢) لصلاة أخرى ، فخالف اجتهاده اللاحق الاجتهاد (٣) السابق كثيرا ، فإن كان ذلك بعثوره على أمارة معتبرة في حدّ ذاتها ـ كالبيّنة وخبر الثقة بناء على اعتباره في الموضوعات كما نفينا البعد عنه عند التكلّم في اعتباره ـ فهو كما لو تبيّن خطؤ الاجتهاد السابق بالأمارات المفيدة للعلم بجهة القبلة ، وقد عرفت فيما سبق أنّه يجب عليه في مثل الفرض إعادة الصلاة في الوقت ، لا في خارجه.
وأمّا إن كان بشيء من الظنون الاجتهاديّة التي جاز له التعويل عليها عند تعذّر العلم حقيقة أو حكما ـ كما لو رأى ـ مثلا ـ قبرا فظنّ أوّلا كون أحد طرفيه رأسه ثمّ ظنّه ثانيا بأنّه رجليه ـ لم ينتقض بذلك أثر الاجتهاد الأوّل ، فلا يعيد صلاته
__________________
(١) في «ض ١٤» : «الأدلّة».
(٢) في «ض ١٤» : «واجتهد».
(٣) في «ض ١٦» : «اجتهاده».