وأمّا قاعدة الإجزاء فقد تقدّم غير مرّة أنّ امتثال الأمر الظاهري إنّما يقتضي الاجتزاء به عن الواقع في مرحلة الظاهر ما لم ينكشف مخالفته للواقع ، والمفروض انكشاف المخالفة في المقام.
وأضعف من ذلك كلّه ما قيل من أنّ نقض الاجتهاد الأوّل بالثاني ليس بأولى من عكسه ، كما لا يخفى.
هذا ، مع أنّ الحكم باستئناف الصلاة أو إعادة الصلاتين أو الصلوات المتعدّدة بواسطة العلم الإجمالي الحاصل من العمل بمقتضى الاجتهادين ليس نقضا للاجتهاد بالاجتهاد ، بل بالعلم. فالحقّ أنّ المدار في هذه الفروع على كون العلم الحاصل في المقام صالحا لتنجيز التكليف بالواقع وعدمه لا غير.
ثمّ إنّه حكي عن الذكرى أنّه احتمل قويّا مع تغيّر الاجتهاد أن يؤمر بالصلاة إلى أربع ؛ لأنّ الاجتهاد عارضه الاجتهاد فيتساقطان فيتحيّر ، ولا تجب إعادة ما صلّاه أوّلا ؛ لإمكان صحّته ودخوله مشروعا (١). انتهى.
أقول : ولعلّه أراد بتعارض الاجتهاد ما إذا أثّر الاجتهاد الثاني في ارتفاع الظنّ الحاصل بالاجتهاد الأوّل ، وصيرورة القبلة مشكوكة ، وإلّا فلا يعقل أن يعارض الاجتهاد السابق ـ الذي أزيل أثره ـ الاجتهاد اللاحق المورث للظنّ الفعلي بعد دوران الحكم ـ بمقتضى ظاهر النصوص والفتاوى ـ مدار تشخيص القبلة بحسب ما يؤدّي إليه نظره بالفعل عند إرادة الصلاة ، كما هو واضح.
ولو اختلف المجتهدان في تشخيص القبلة ، فهل لأحدهما الاقتداء بالآخر؟ فيه خلاف.
__________________
(١) الذكرى ٣ : ١٨٦ ـ ١٨٧ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٨ : ٤٢.