على سبيل الحقيقة من غير مسامحة على الجهة التي يراها المستقبل حيال وجهه بحيث لا يتميّز استقبال أجزائها بعضها عن بعض بحيث يكون محاذاة يمينها ـ مثلا ـ محتاجا إلى وضع مغاير في الوجود الخارجي لوضعه الذي به يحصل محاذاة شمالها ، فمتى لم يكن محاذاة الأجزاء محتاجا إلى أوضاع متمائزة فهو باستقباله الشخصي محاذ حقيقة لجميع الأجزاء.
وكيف كان فالعبرة مع مشاهدة الكعبة حقيقة أو حكما إنّما هو بالتوجّه إليها واستقبال شيء منها بأن يجعله بين يديه على وجه صدق عليه اسم المقابلة حقيقة بنظر العرف.
وهل يعتبر استقبالها بجميع مقاديم البدن أو معظمها الموجب لصدق استقبال البدن عرفا؟ وجهان بل قولان ، أو جههما : الأخير ، كما ستعرف إن شاء الله.
وأمّا مع عدم مشاهدة العين والجهل بجهتها الخاصّة فالمعتبر استقبال جهتها ، كما هو المشهور ، بل لو قلنا بالقول الثاني أيضا ، لا يجب على من لم يشاهد المسجد أو الحرم حقيقة أو حكما إلّا استقبال جهتهما.
وما تقدّمت (١) حكايته عن الشيخ ـ ممّا يظهر منه اعتبار محاذاة نفس الحرم ـ ضعيف ، كما يشهد له ـ مضافا إلى ما ستعرف ـ عدم الخلاف ظاهرا في اجتزاء البعيد بالعلامات الآتية لأهل الأقطار العظيمة ، مع أنّه لا يتعيّن بها إلّا جهتهما ، كما سنوضّحه إن شاء الله.
وليعلم أنّ كلمات الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ قد اختلفت في تفسير
__________________
(١) في ص ١٦ ـ ١٧.