أقول : أمّا الاحتياط بترك الصلاة فيه : ففي محلّه ، ولكن منع حجّيّة أصالة عدم النقل في غير محلّه ؛ إذ ليس حاله إلّا حال سائر الموضوعات التي يحتمل كونها في عرف السابقين موضوعة لغير المعاني المعروفة عندنا ، وهذا الاحتمال ممّا لا يلتفت إليه. واختلاف العلماء في حقيقته نشأ من عدم اطّلاعهم على حقيقة ذلك الحيوان الذي يعرفه أهل خبرته ويتّخذون الثياب من جلده ووبره ، فبعضهم زعم أنّه القندس ، مستشهدا لذلك بشهادة بعض التجّار بذلك ، وبعضهم زعم أنّه كلب الماء ، كما
يشهد له بعض الأخبار المتقدّمة وغيرها ، وبعض تخيّل أنّه ما يسمّى في عرفهم بوبر السمك ، إلى غير ذلك.
قال الشيخ فخر الدين ابن طريح النجفي ـ طاب ثراه ـ في كتاب مجمع البحرين : الخزّ بتشديد الزاي : دابّة من دوابّ الماء تمشي على أربع تشبه الثعلب ترعى من البرّ ، وتنزل البحر ، لها وبر يعمل منه الثياب ، تعيش بالماء ولا تعيش خارجه ، وليس على حدّ الحيتان ، وذكاتها إخراجها من الماء حيّة. قيل : وقد كانت في أوّل الإسلام إلى وسطه كثيرة جدّا (١). انتهى.
وعن السرائر أنّه قال بعض أصحابنا المصنّفين : إنّ الخزّ دابّة صغيرة تطلع من البحر تشبه الثعالب ترعى في البرّ ، وتنزل البحر ، لها وبر يعمل منه ثياب. ثمّ قال فيها : وكثير من أصحابنا [المحقّقين] (٢) المسافرين يقول : إنّه القندس. ولا يبعد هذا القول من الصواب ؛ لقوله عليهالسلام : «لا بأس بالصلاة في الخزّ ما لم يكن
__________________
(١) مجمع البحرين ٤ : ١٨ «خزز».
(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.