اختلاف تعبيراتهم ، وستعرف أن هذا هو الذي ينبغي البناء عليه.
وقال في المدارك : اعلم أنّ للأصحاب اختلافا كثيرا في تعريف الجهة ، ولا يكاد يسلم تعريف منها من الخلل ، وهذا الاختلاف قليل الجدوى ؛ لاتّفاقهم على أنّ فرض البعيد استعمال العلامات المقرّرة ، والتوجّه إلى السمت الذي يكون المصلّي متوجّها إليه حال استعمالها ، فكان الأولى تعريفها بذلك.
ثمّ إنّ المستفاد من الأدلّة الشرعيّة سهولة الخطب في أمر القبلة والاكتفاء بالتوجّه إلى ما يصدق عرفا أنّه جهة المسجد وناحيته ، كما يدلّ عليه قوله تعالى : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (١) وقولهم عليهمالسلام : «فما بين المشرق والمغرب قبلة» (٢) و «ضع الجدي في قفاك وصلّ» (٣) وخلوّ الأخبار ممّا زاد على ذلك مع شدّة الحاجة إلى معرفة هذه العلامات لو كانت واجبة ، وإحالتها على علم الهيئة مستبعد جدّا ؛ لأنّه علم دقيق كثير المقدّمات ، والتكليف به لعامّة الناس بعيد من قوانين الشرع ، وتقليد أهله غير جائز ؛ لأنّه لا يعلم إسلامهم فضلا عن عدالتهم. وبالجملة ، فالتكليف بذلك ممّا علم انتفاؤه ضرورة (٤). انتهى.
وقد تبع فيما زعمه ـ من التوسعة في أمر القبلة وابتنائه على المسامحة ـ شيخه المحقّق الأردبيلي (٥) قدسسره ـ على ما حكي (٦) عنه ـ من ذهابه إلى عدم اعتبار
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٤٤.
(٢) الفقيه ١ : ١٧٩ / ٨٤٦ ، و ١٨٠ / ٨٥٥ ، التهذيب ٢ : ٤٨ / ١٥٧ ، الاستبصار ١ : ٢٩٧ / ١٠٩٥ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب القبلة ، ح ١ و ٢.
(٣) التهذيب ٢ : ٤٥ / ١٤٣ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب القبلة ، ح ١.
(٤) مدارك الأحكام ٣ : ١٢١.
(٥) زبدة البيان : ٦٥ ـ ٦٦ ، مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٥٩ ـ ٦٠.
(٦) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٧ : ٣٤٢.