لوجب كونه بثوب ؛ لما ستعرف من أنّه لا عبرة بساتريّة الأرض ونحوها ، ولا يجب ستره بثوب بالضرورة ، فلا يجب ستره رأسا.
وفيه نظر ؛ إذ لا عبرة بساتريّة الأرض وشبهها على سبيل الاستقلال ، لا في مثل الفرض ، ألا ترى أنّ مباشرة بعض جسد المرأة للأرض حال جلوسها عليها للتشهّد لا تنافي صدق كونها بجملتها مستورة بالثوب ، ولا يقدح ذلك في صحّة صلاتها ، بل وكذا لو استلقت على الأرض وتغطّت بثوب وصلّت مومئة ، فقد حصل ستر جسدها وصحّت صلاتها لو كان فرضها الصلاة مستلقية ، وهذا بخلاف ما لو استقلّت الأرض بالساتريّة ، كما لو وارت تحت الأرض ، أو وقفت في بئر محيطة بجسدها ، فإنّه لا اعتداد بسترها حينئذ.
وكيف كان فالعمدة ما عرفت.
بقي الكلام في الشعر ، وهو خارج عن مسمّى الجسد ، فلا يعمّه قولهم : «إنّه يجب على المرأة ستر جميع جسدها عدا ما استثني» ولذا صرّح بعض (١) بخلوّ كلام أكثر الأصحاب عن التعرّض له ، بل في الحدائق : قلّ من تعرّض للكلام فيه من أصحابنا (٢).
وفي المدارك قال في هذا المقام : واعلم أنّه ليس في العبارة كغيرها من عبارات الأصحاب تعرّض لوجوب ستر الشعر ، بل ربما يظهر منها أنّه غير واجب ؛ لعدم دخوله في مسمّى الجسد ، ويدلّ عليه إطلاق الأمر بالصلاة ، فلا يتقيّد إلّا
__________________
(١) العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٨٩ ، والمجلسي في بحار الأنوار ٨٣ : ١٨٠ ، وحكاه عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١٦٨.
(٢) الحدائق الناضرة ٧ : ١٢.