ولا يخفى عليك أنّ تخصيص الحشيش بالذكر جار مجرى التمثيل بلحاظ أنّه هو الغالب فيما يوجد في مفروض السائل ، وإلّا فلا خصوصيّة له قطعا ، كما يفصح عن ذلك قوله عليهالسلام عند بيان حكم نقيضه : «وإن لم يصب شيئا» إلى آخره ، فهذا ممّا لا إشكال فيه.
وإنّما الإشكال في أنّ جواز الستر بالحشيش ونحوه مخصوص بحال الضرورة ، أم يعمّ حال الاختيار؟ فقد اختلفت كلماتهم في ذلك.
فذهب غير واحد إلى جواز التستّر بكلّ شيء يتحقّق به الستر حتّى الطلي بالطين ونحوه اختيارا من غير فرق بين الثوب والحشيش والورق والطين وغيره ، بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور (١).
والتزم بعض (٢) بالترتيب بين الثوب وغيره ، فلم يجوّز الستر بما عدا الثوب لدى التمكّن منه ، وعند تعذّره أجاز الستر بكلّ شيء حتّى الطين.
وعن بعضهم أنّه جعل الطين متأخّرا عن غيره في الرتبة مع التزامه بتقدّم الثوب على ما عداه من الحشيش ونحوه (٣).
وفي الجواهر (٤) قوّى عدم الفرق بين الثوب وغيره في جواز الستر به اختيارا ، كما نسب إلى المشهور ، ولكن لم ير الطلي بالطين ونحوه من مصاديق الستر المعتبر في الصلاة وإن تحقّق به الاستتار عن الناظر المحترم ، كالاختفاء في
__________________
(١) كما في مستند الشيعة ٤ : ٢٢٦ ، ونسبه إلى الأكثر المجلسي في بحار الأنوار ٨٣ : ٢١٢.
(٢) كالشهيد في البيان : ١٢٥.
(٣) الدروس ١ : ١٤٨ ، روض الجنان ٢ : ٥٧٧ ـ ٥٧٨ ، مسالك الافهام ١ : ١٦٧ ، غاية المرام ١ : ١٣٥ ، وحكاه عنها وعن غيرها العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١٧٤.
(٤) جواهر الكلام ٨ : ١٨٦ ـ ١٨٩.