مكان مظلم أو الارتماس (١) في ماء وشبهه ممّا لا يخرج به الإنسان عرفا عن مصداق كونه عاريا ، ولكنّه مختف عن أعين الناظرين.
نعم ، لو حصل الستر بالطين على حسب ما يحصل الستر بغيره من الأشياء المنفصلة عن الجسد لا على سبيل الطلي ، اتّجه الاجتزاء به اختيارا كغيره.
ثمّ إنّه قد جعل غير واحد منهم من مصاديق الستر النزول في الوحل والرمس في الماء والدخول في حبّ أو تابوت أو حفيرة ونحوها ، وطال التشاجر فيما بينهم في تشخيص مراتب هذه الأشياء وكونها في عرض الطلي بالطين ، أو متأخّرة عنه في الرتبة ، أو متقدّمة عليه.
والتحقيق ما حقّقه في الجواهر (٢) من أنّه لا خصوصيّة للثوب لا في حقّ الرجل ولا في حقّ المرأة ، وذكره في النصوص والفتاوى جار مجرى العادة ، فالمدار على لبس ما يستر به جسد المرأة وعورة الرجل ممّا تجوز الصلاة فيه من غير فرق بين كونه ثوبا أو ورقا أو حشيشا أو جلدا أو قرطاسا أو قطنا أو صوفا منسوجا أو غير منسوج ، ولكن لا يكفي الطلي بالطين وأشباهه ، فلنا في المقام دعويان.
الأولى : أنّه لا فرق فيما يتحقّق به الستر بين مصاديقها التي لا يكون التلبّس بها من حيث هي ممنوعا عنه في الصلاة ، كالمتنجّس وأجزاء ما لا يؤكل لحمه.
الثانية : أنّه لا عبرة بالتلطّخ بالطين ونحوه أو الغور في الماء أو النزول في الوحل أو الدخول في الحفيرة والحبّ وأشباهه في حصول الستر المعتبر في
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : «ارتماس».
(٢) جواهر الكلام ٨ : ١٨٧.