ثمّ لا يخفى عليك أنّ ما قوّيناه من وجوب الركوع والسجود على المأموم إنّما هو فيما إذا لم يكن هناك ناظر محترم ، وإلّا فرعاية حفظ الفرج أهمّ لدى الشارع من الركوع والسجود ، كما لا يخفى على المتأمّل في نصوص الباب وفتاوى الأصحاب.
ومن هنا يتّجه التفصيل فيما إذا تعدّدت الصفوف بين الصفّ الأخير وغيره ، فيختصّ الركوع والسجود بأهل الصفّ الأخير دون أهل سائر الصفوف الذين حالهم بالنسبة إلى الصفّ المتأخّر عنهم حال الإمام بالنسبة إلى المأمومين ، ولكن مقتضى إطلاق الأمر بالركوع والسجود في الموثّقة ووضوح كون الإيماء بدلا اضطراريّا عنهما : عدم جواز الوقوف في الصفّ المتقدّم اختيارا ، ومقتضاه أن يقف المأمومون جميعا في صفّ واحد ، كما هو ظاهر كثير من الفتاوى ، بل مع إمامهم ، وأن لا يتقدّمهم الإمام إلّا بركبتيه ، كما ربما يستشعر ذلك بل يستظهر من صحيحة ابن سنان ، المتقدّمة (١).
(والأمة والصبيّة تصلّيان بغير خمار) بلا خلاف فيهما على الظاهر ، بل عن الفاضلين والشهيد دعوى الإجماع عليه من علماء الإسلام (٢) ، إلّا الحسن البصري ؛ فإنّه أوجب على الأمة الخمار إذا تزوّجت أو اتّخذها الرجل لنفسه (٣).
ويدلّ عليه في الأمة ـ مضافا إلى ذلك ـ جملة من الأخبار :
__________________
(١) في ص ٤٣٠.
(٢) المعتبر ٢ : ١٠٣ ، منتهى المطلب ٤ : ٢٧٤ ، الذكرى ٣ : ٩ ، وحكاه عنهم البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ١٥.
(٣) بداية المجتهد ١ : ١١٦ ، المجموع ٣ : ١٦٩ ، المغني ١ : ٦٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٢.