وبما ذكرنا ظهر أنّ ما ذكره بعض (١) ـ من حمل المشرق والمغرب في كلماتهم على الاعتداليّين ـ لا يخلو من نظر ؛ لما أشرنا إليه من أنّ غرضهم ـ بحسب الظاهر ـ لم يتعلّق بذكر هذه العلائم إلّا لاستعمالها في موارد الحاجة في البراري والصحاري ونحوها من الموارد التي يتعذّر فيها غالبا تشخيص الاعتداليّين.
وكيف كان فالأقوى أنّه لا يعتبر للبعيد الغير المتمكّن من العلم باستقبال العين أزيد من تشخيص القبلة بمثل هذه العلائم المورثة للعلم بجهتها بالمعنى الذي عرفته فيما سبق.
وقد ذكر غير واحد لأهل العراق أيضا علائم أخر ، كجعل القمر على الحاجب الأيمن ليلة السابع عند الغروب ، وإحدى وعشرين عند الفجر ، وسهيل عند طلوعه مقابل المنكب الأيسر.
وذكروا لأهالي سائر الأقاليم علائم أخر مستخرجة من هذه العلائم بعد ملاحظة أوضاع بلادهم ، ومن غيرها من القواعد المبتنية على علم الهيئة من أرادها فليطلب من أهل خبرته.
ولم يصل إلينا نصّ في هذا الباب لتشخيص قبلة شي من البلدان ، عدا بعض الأخبار الواردة في الجدي.
كموثّقة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن القبلة ، قال : «ضع الجدي في قفاك وصلّ» (٢).
__________________
(١) العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٢٨.
(٢) تقدّم تخريجها في ص ٢٧ ، الهامش (٣).