المسجد على حسب ما تؤدّيه الأسباب العاديّة الموجبة للعلم بجهتها ، فلا يعلم حينئذ أنّهم راعوا في صلاتهم أو محرابهم ـ مثلا ـ علمهم الذي خصّهم الله به.
وكيف كان فالبحث عن ذلك قليل الجدوى ؛ إذ لم يثبت عندنا في هذه الأعصار محراب أو قبر بناه المعصوم أو شخّص جهته باقيا على هيئته الأصليّة.
ومن جملة الأمارات الموجبة للعلم بجهة القبلة بل أوضحها وأعمّها نفعا هي العلائم التي ذكرها الأصحاب لتشخيص قبلة البلاد ـ كوضع الجدي على المنكب الأيمن ونحوه ـ المستنبطة من قواعد الهيئة ونحوها ، فإنّها وإن لم تكن موجبة للعلم بمقابلة العين بل ولا الظنّ بها ولكنّها طريق عاديّ للعلم بجهتها بحيث لا يكاد يتطرّق فيها غالبا احتمال التخطّي وتأديتها إلى سمت آخر أجنبيّ عن جهة الكعبة.
(فإن جهلها) أي جهة القبلة ولم يتمكّن من تشخيصها بشيء من العلائم الموجبة للقطع بها (عوّل) في تشخيصها (على العلامات المفيدة للظنّ) بها ، كالضوء الكثير آخر النهار في يوم الغيم ، المفيد للظنّ بأنّ ذلك الجانب هو المغرب ، وفي أوّل النهار فيظنّ بأنّه المشرق ، أو في جانب من السماء فيظنّ بأنّه موضع الشمس أو القمر ، فيميّز بذلك جهة القبلة بالمقايسة ، وكالرياح الأربع لمن عرف طبائعها واستنبط من الريح أنّ مهبّه المشرق أو المغرب أو الجنوب أو الشمال ، فيستدلّ بذلك على سمت القبلة ، إلى غير ذلك من الأمارات الحدسيّة الموجبة للظنّ بجهتها.