تنزيل الأخبار المطلقة على خصوص الفرض الذي لم يتمكّن المكلّف إلّا من الإتيان بصلاة واحدة في غاية البعد ، خصوصا مع إباء صحيحة زرارة ـ التي هي العمدة في المقام ـ عن التخصيص ، فالمتعيّن طرح المرسلة وردّ علمها إلى أهله.
ويحتمل قويّا أن يكون المقصود بالاجتهاد فيها الفتوى بالرأي المؤدّي إلى سقوط شرطيّة القبلة في مثل الفرض ، والاكتفاء بصلاة واحدة ، لا الاجتهاد في تشخيص جهة القبلة حتّى تعارض الأخبار المتقدّمة ، كما يؤيّد ذلك ظهور قوله : «أطبقت السماء أو أظلمت» في إرادة انتفاء أمارة على القبلة ، والله العالم.
وهل يجوز ترك الاجتهاد وتكرار الصلاة أربعا إلى الجهات الأربع احتياطا ، أم يجب بذل جهده في تشخيص جهة القبلة بالعلم إن أمكن ، وإلّا فبالظنّ؟ ظاهر كلماتهم التسالم على الأخير خصوصا مع التمكّن من تحصيل العلم ، بل ربما يظهر من بعض (١) دعوى إجماع المسلمين عليه.
ولكن قد يقوى في النظر الأوّل ؛ نظرا إلى أنّ مستنده ـ على الظاهر ـ ليس إلّا ما هو المشهور من اعتبار الجزم في النيّة مع الإمكان وعدم كفاية الامتثال الإجمالي بتكرار العبادة مع التمكّن من المعرفة التفصيليّة ، وقد عرفت في نيّة الوضوء أنّ الأقوى خلافه ، إلّا أنّه قد يشكل ذلك في المقام بعدم كون تكرار الصلاة إلى الجهات الأربع موجبا للقطع بمقابلة بعضها لجهة القبلة حتّى يجتزأ به مع التمكّن من تحصيل العلم بجهة القبلة أو الظنّ القائم مقامه ، وإنّما اكتفى الشارع بأربع صلوات لمن لم يتمكّن من معرفة القبلة رأسا إمّا توسعة عليه أو لكون جهة
__________________
(١) صاحب كشف اللثام فيه ٣ : ١٦٢.