هذا إذا لم يحصل من خبره ظنّ أقوى من ظنّه الحاصل باجتهاده ، وإلّا فقد عرفت أنّ قوله هو المتّبع على هذا التقدير وإن كان حدسيّا فضلا عمّا لو كان حسّيّا.
فتلخّص ممّا ذكر أنّ إخبار المخبر إن قلنا بكونه حجّة في مثل المقام من حيث هو ـ كما هو الأقوى فيما إذا كان الإخبار حسّيّا وكان المخبر عدلا بل ثقة في وجه قويّ ـ فهو المرجع ، وإلّا فهو إحدى الأمارات المفيدة للظنّ يدور التكليف مدار إفادته الظنّ الفعلي من غير فرق بين مصاديقه.
(و) بهذا ظهر لك أنّه (لو لم يكن له طريق إلى الاجتهاد فأخبره كافر) بجهة القبلة ، أو اجتهد فأخبره الكافر بخلاف اجتهاده وإن (قيل : لا يعمل بخبره) مطلقا ؛ لقوله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (١) (و) لكن الذي (يقوى عندي) ما قوّاه المصنّف رحمهالله من (أنّه إن أفاد الظنّ) الفعلي (عمل به) كما هو الغالب فيما إذا كان خبيرا بقواعد الهيئة.
بل قد يقال في مثل الفرض بكون قوله حجّة بالخصوص وإن كان حدسيّا.
وفيه نظر بل منع ، والأقوى ما عرفت.
(ويعوّل على قبلة البلد إذا لم يعلم أنّه بنيت على الغلط) إجماعا ، كما عن التذكرة وكشف الالتباس (٢) نقله ؛ لأنّها من أقوى الأمارات الموجبة عادة للقطع بجهة القبلة ، مع أنّها لو لم تفد القطع بذلك ، لجاز أيضا الاعتماد عليها ؛ لما
__________________
(١) الحجرات ٤٩ : ٦.
(٢) تذكرة الفقهاء ٣ : ٢٥ ، الفرع «ه» من المسألة ١٤٥ ، وكشف الالتباس مخطوط ، وحكاه عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١١٩.