بواسطة الجهل بجهة القبلة وعدم التمكّن من الاحتياط ، كما في الفرض.
وأمّا مع التقصير : ففي الاكتفاء بها نوع تردّد يظهر وجهه ممّا أسلفناه في باب التيمّم في مسألة من قصّر في طلب الماء حتّى ضاق الوقت ، فراجع (١).
وهل يلغى شرطيّة الاستقبال رأسا عند عدم التمكّن إلّا من صلاة واحدة ، أو أنّها مرعيّة على جهة الاحتمال ، كما أنّه كذلك عند التمكّن من أزيد من صلاة واحدة؟ وجهان ، أوجههما : الأخير ، كما يظهر وجهه ممّا سيأتي.
ويتفرّع عليه أنّه لو ظنّ بعدم كون القبلة في جهة ، ليس له اختيارها وإن لم نقل بأنّ الظنّ بذلك كالظنّ بجهة القبلة حجّة في حدّ ذاته ؛ لأنّ الحاكم بكون المكلّف مخيّرا في أن يصلّي أيّ جهة شاء في الصورة المفروضة إمّا العقل أو الأخبار المتقدّمة الدالّة على أنّ المتحيّر يصلّي حيث يشاء.
أمّا العقل فلا يحكم بالتخيير بين المحتملات المختلفة في قوّة الاحتمال وضعفه ، بل يحكم بوجوب اختيار البعض الذي يتمكّن منه ممّا لا يكون أضعف احتمالا من غيره.
وأمّا الأخبار ـ فبعد تسليم دلالتها على المدّعى ، والغضّ عن الخدشات المتقدّمة فيما سبق ـ فهي منصرفة عن الجهة التي يظنّ بعدم كونها قبلة.
اللهمّ إلّا أن يدّعى دلالتها على سقوط شرطيّة الاستقبال للمتحيّر ، فيتّجه حينئذ جواز استقبال تلك الجهة التي ظنّ بأنّها ليست بقبلة ، بل وإن علم بذلك ؛ فإنّ هذا ـ أي العلم بعدم كونها في خصوص جهة ـ لا ينافي كونه متحيّرا في القبلة ،
__________________
(١) ج ٦ ، ص ١٠٢ وما بعدها.