قال : «لا ، إلّا أن يكون بينهما شبر أو ذراع» ثمّ قال : «كان طول رحل رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم ذراعا ، وكان يضعه بين يديه إذا صلّي يستره (١) ممّن يمرّ بين يديه» (٢) إذ الظاهر أنّ قوله عليهالسلام : «كان طول رحل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» إلى آخره ، بمنزلة الاستشهاد لكفاية شبر أو ذراع ، فهذا يكشف عن أنّ المراد بالشبر والذراع ما كان طوله كذلك ، وإلّا فلا مناسبة بين الكلامين ، فيستفاد من ذلك أنّه يكفي في الحاجز المعتبر في هذا الباب مثل ما يكفي حاجزا عمّن يمرّ بين يديه ، وهو ما كان طوله ـ أي ارتفاعه ـ شبرا أو ذراعا.
بل لعلّ هذا المعنى هو الذي ينسبق إلى الذهن من إطلاق قوله : «ما لا يتخطّى» كما أنّه هو المناسب إرادته من الصحيحتين المتقدّمتين (٣) اللتين وقع فيهما التعبير بلفظ «لا ينبغي» إذ لو لم يحمل قوله عليهالسلام في الصحيحتين : «فإن كان بينهما شبر أجزأه» على هذا المعنى ، لحصلت المنافرة بينه وبين قوله عليهالسلام :«لا ينبغي ذلك» بعد وقوعه جوابا عن السؤال عن أنّ الرجل يصلّي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلّي بحذاه في الزاوية الأخرى ؛ إذ لا يكاد توجد عادة زاويتا حجرة لا يتحقّق بين من يصلّى فيهما الفصل بينهما بمقدار شبركي يحسن بملاحظته إطلاق قوله : «لا ينبغي ذلك» وحمله على إرادة ما لو كان الرجل متقدّما على المرأة بمقدار الشبر وإن كان موجبا لاندفاع هذا التدافع ، ولكن إرادة هذا
__________________
(١) فيما عدا الوسائل : «ليستره».
(٢) التهذيب ٢ : ٢٣٠ / ٩٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ / ١٥٢١ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٣.
(٣) في ص ٥٥ ـ ٥٦.