بعض القراءات مع بعض في الذات!؟
فالذي يغلب على الظنّ أنّ عمدة الاختلاف بين القرّاء نشأ من الاجتهاد والرأي والاختلاف في قراءة المصاحف العثمانيّة العارية عن الإعراب والنقط ، مع ما فيها من التباس بعض الكلمات ببعض بحسب رسم خطّه كـ «ملك» و «مالِكِ» ولذا اشتهر عنهم أنّ كلّا منهم كان يخطّئ الآخر ، ولا يجوّز الرجوع إلى الآخر.
نعم ، لا ننكر أنّ القرّاء يسندون قراءتهم إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّ الاختلاف قد ينشأ من ذلك ، فإنّه نقل أنّ عاصم الكوفي قرأ القراءة على جماعة منهم : أبو عبد الرحمن ، وهو أخذها من مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو من النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّ نافع المدني أخذ القراءة من خمسة منهم :أبو جعفر يزيد [بن] (١) القعقاع القارئ ، وهم أخذوها من أبي هريرة ، وهو من ابن عبّاس ، وهو من النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّ حمزة الكوفي أخذها من جماعة منهم : مولانا الصادق عليهالسلام ، وهم يوصلون سندها إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وهكذا سائر القرّاء (٢).
ولكن لا تعويل على هذه الأسانيد فضلا عن صيرورة القراءات بها متواترة خصوصا بعد أن ترى أنّهم كثيرا ما يعدّون القراءات قسيما لقراءة عليّ وأهل البيت عليهمالسلام.
قال بعض الأفاضل : إنّه يظهر من جماعة أنّ أصحاب الآراء في القراءة كانوا كثيرة ، وكان دأب الناس أنّه إذا جاء قارئ جديد أخذوا بقوله
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه من «السبعة في القراءات».
(٢) كما في مطالع الأنوار ٢ : ٣١ ، وانظر : السبعة في القراءات ـ لابن مجاهد ـ : ٥٤ ـ ٦٠ و ٦٤ ـ ٦٥ و ٦٩ ـ ٧٤ و ٧٨ ـ ٨٣ و ٨٥ ـ ٨٦.