وتركوا قراءة من تقدّمه ، نظرا إلى أنّ كلّ قارئ لاحق كان ينكر سابقه ، ثمّ بعد مدّة رجعوا عن هذه الطريقة ، فبعضهم يأخذ قول بعض المتقدّمين ، وبعضهم يأخذ قول الآخر ، فحصل بينهم اختلاف شديد ، ثمّ عادوا واتّفقوا على الأخذ بقول السبعة (١). انتهى.
ولقد بالغ شيخنا المرتضى رحمهالله في إبطال دعوى تواتر جميع الخصوصيّات ، إلى أن قال : قال [ابن] الجزري في كتابه ـ على ما حكي عنه ـ : كلّ قراءة وافقت العربيّة ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانيّة ولو احتمالا وصحّ سندها فهي القراءة الصحيحة ، سواء كانت من السبعة أم غيرهم ، إلى أن قال : هذا هو الصحيح عند أئمّة التحقيق من السلف والخلف لا أعرف من أحد منهم خلافه ، وما عداها ضعيفة أو شاذّة أو باطلة ، سواء كانت من السبعة أو غيرهم. انتهى.
ثمّ صرّح في آخر كلامه بأنّ السند لا يجب أن يتواتر ، وأنّ ما قيل من أنّ القرآن لا يثبت إلّا بالتواتر لا يخفى ما فيه (٢).
وأنت خبير بأنّ السند الصحيح بل المتواتر باعتقادهم من أضعف الأسناد عندنا ؛ لأنّهم يعتمدون في السند على من لا نشكّ نحن في كذبه.
وأمّا موافقة أحد المصاحف العثمانيّة فهي أيضا من الموهنات عندنا سيّما مع تمسّكهم على اعتبارها بإجماع الصحابة عليها ، الذين جعل الله الرشد في خلافهم ؛ حيث إنّه غيّر من القرآن ما شاء ، ولذا أعرضوا عن مصحف أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا عرضه عليهم ، فأخفاه لولده القائم عليهمالسلام وعجّل الله فرجه ، وطبخوا المصاحف الأخر لكتّاب الوحي ، فلم يبق من
__________________
(١) السيّد محمّد باقر الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٣٠.
(٢) النشر في القراءات العشر ١ : ٩ و ١٣.