الثلاثة المذكورة في كلام [ابن] الجزري ـ التي هي المناط في صحّة القراءة ـ ما نشاركهم في الاعتماد عليه إلّا موافقة العربيّة التي لا تدلّ إلّا على عدم كون القراءة باطلة ، لا كونها مأثورة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، مع أنّ حكاية طبخ عثمان ما عدا مصحفه من مصاحف كتّاب الوحي ، وأمره ـ كما في شرح الشاطبيّة ـ كتّاب المصحف عند اختلافهم في بعض الموارد بترجيح لغة قريش معلّلا بأنّ أغلب القرآن نزل عليها ، الدالّ على أنّ كتابة القرآن وتعيّن قراءتها وقعت أحيانا بالحدس الظنّي بحكم الغلبة وجه مستقلّ لعدم التواتر (١). انتهى كلام شيخنا المرتضى رحمهالله.
هذا كلّه ، مع أنّ دعوى التواتر إنّما تجدي لمدّعيها ، دون من لم يتحقّق ذلك عنده ، والتعويل على قول ناقليه ما لم يحصل القطع من أقوالهم به رجوع عن اعتبار التواتر في القراءة.
والذي يقتضيه التحقيق هو أنّ القرآن اسم للكلام الخاصّ الشخصي الغير القابل للتعدّد والاختلاف بمعنى أنّ صورته الشخصيّة مأخوذة في قوام مفهوم المسمّى بشهادة التبادر ؛ إذ المتبادر من القرآن أو فاتحة الكتاب ـ مثلا ـ هو خصوص ذلك الكلام المنزل على النبي صلىاللهعليهوآله بخصوصه ، والمنساق إلى الذهن من الأمر بقراءته هو وجوب التلفّظ بتلك الماهيّة المشخّصة بخصوصها على النهج المتعارف في المحاورات ، فلا ينافيه الاختلافات الناشئة من آداب المحاورة ، كإسكان أواخر كلماته لدى الوقف وتحريكها مع الوصل وإخفاء بعض حروفه أو إبداله أو إدغامه أو مدّه أو غير ذلك من الاختلافات الناشئة من كيفيّة قراءة ذلك الكلام الشخصي ممّا
__________________
(١) كتاب الصلاة ١ : ٣٦١ ـ ٣٦٣.