والتوقيع المتقدّم (١) ـ المرويّ عن الاحتجاج وكتاب الغيبة للشيخ ـ أنّه كتب [الحميري] إلى القائم ـ عجّل الله فرجه ـ يسأله عن الركعتين الأخيرتين وقد كثرت فيهما الروايات ، فبعض يرى (٢) أنّ قراءة الحمد وحدها أفضل ، وبعض يرى (٣) أنّ التسبيح فيهما أفضل ، فالفضل لأيّهما لنستعمله؟
فأجاب عليهالسلام : «قد نسخت قراءة أمّ الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح ، والذي نسخ التسبيح قول العالم : كلّ صلاة لا قراءة فيها فهي خداج» الحديث.
وتقريب الاستدلال : أنّ السؤال وقع عن الأفضليّة بعد المفروغيّة عن أصل الجواز ، والجواب أيضا بحسب الظاهر ليس إلّا مسوقا لبيان ذلك.
والمراد بالنسخ على الظاهر هو النسخ المجازيّ لا الحقيقيّ المعلوم عدم وقوعه بعد زمان النبي صلىاللهعليهوآله ، فهو بمنزلة قولنا : كتاب «الجواهر» ـ مثلا ـ نسخ سائر الكتب الفقهيّة ، والاستدلال عليه بقول العالم لدلالته على شدّة المناسبة وكثرة الاهتمام بها بحيث لا تصحّ الصلاة بدونها ، فرعايتها مهما أمكن أولى.
وهذه الرواية من حيث ورودها فيما اختلفت الروايات فيه حاكمة بظاهرها على سائر الأخبار المختلفة.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه الرواية وتقريب الاستدلال بها للمدّعى ، وهو لا يخلو عن وجه ، إلّا أنّ ما ادّعيناه من حكومة هذه الرواية على سائر الأخبار المختلفة في غير محلّه ؛ إذ الحكومة إنّما تتحقّق لو أريد
__________________
(١) في ص ١٥٧.
(٢) بدلهما فيما تقدّم في ص ١٥٧ : «يروي».
(٣) بدلهما فيما تقدّم في ص ١٥٧ : «يروي».