بخصوص عدد الجموع ، بل يلاحظ العدد خمسين خمسين ، وأربعين أربعين ، فيخرج الفريضة منه على ما يقتضيه ذلك العدد بهذه الملاحظة ، فالنصاب حينئذ كلّ خمسين وكلّ أربعين ، فكلّ جزء يفرض منه بالغا حدّ الأربعين فهو موجب لثبوت ابنة لبون فيه للفقير ، وكلّ ما يفرض بالغا حد الخمسين فهو سبب لثبوت حقّة فيه ، ولكن لا على سبيل الاجتماع ، بل على سبيل التبادل ، إذ المال الواحد لا يزكّى مرّتين.
فالمراد بهذه العبارة أنّ الزكاة الواجبة في هذا المال هي ما إذا قيست إلى كلّ أربعين أربعين تقع ابنة لبون في كلّ أربعين مصداقا لها ، بمعنى أنّه يحصل بدفعها إلى المستحقّ الخروج عن عهدة ما في كلّ أربعين من هذا العدد ، وإذا قيست إلى كلّ خمسين خمسين فدفع حقّة عن كل منها كذلك ، فهو مخيّر في إخراج أيّهما شاء ، إذا أمكن الخروج عن عهدة جميع ما ثبت في هذا المال بأي من العددين ـ كما إذا كان كل من العددين عادّا للجميع كما في المائتين والأربعمائة ـ وإلّا تعيّن عليه الأخذ بما يحصل به الاستيعاب إن كان ، وإلّا فالأكثر استيعابا ، لأنّا إذا فرضنا المجموع مائة وخمسين ، فقد تعلّقت الزكاة بمجموعها ، لأنّ المجموع ثلاث مصاديق للخمسين ، وقد دلّت الأدلّة بأسرها على أنّ في كلّ خمسين حقّة ، فلا عفو في هذا العدد ، فلو عمل فيه بعموم قوله : «في كلّ أربعين ابنة لبون» لزم بقاء ثلاثين منه غير مزكّى ، مع كونها جزءا من النصاب الآخر ، لأنّ هذا العموم لا يقتضي إلّا كون ثلاث بنات لبون مجزية عمّا في هذا العدد من الأربعينات الثلاث.
وأمّا كون الثلاثين ـ الزائدة عليها ـ عفوا مع كونها جزءا من النصاب الآخر فليس من مقتضيات هذا العموم ، فيجب في مثل الفرض ـ مقدمة للخروج عن عهدة الزكاة الثابتة في الجميع ـ احتسابها خمسين خمسين.