وخبر أحمد بن عمر بن أبي شعبة ، عن أبيه عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ أنّه سئل عن مال اليتيم ، فقال : «لا زكاة عليه إلّا أن يعمل به» (١).
وهذه الأخبار ظاهرها ـ كظاهر العبارة المحكيّة عن المقنعة ـ الوجوب ، ولكن المتعيّن إمّا حملها على التقيّة أو الاستحباب ، لا لمجرّد إعراض الأصحاب عن ظاهرها حيث لم ينقل القول به إلّا عن ظاهر المفيد في عبارته المتقدمة ، بل لمعارضتها بالروايات الآتية في مبحث زكاة مال التجارة ، الصريحة في نفي الوجوب ، وهذه الأخبار وإن كان موردها أخص من مطلق مال التجارة ، ولكن قد ورد مثل هذه الأخبار أخبار كثيرة في مطلق مال التجارة وفي خصوص تجارة البالغين أيضا ممّا كان ظاهره الوجوب ، فليس حال هذه الأخبار إلّا حال غيرها من الروايات الواردة في هذا الباب ممّا كان ظاهره الوجوب ، فلا بد في الجمع بينها وبين تلك الأخبار إمّا بحمل ما كان ظاهره الوجوب على تأكّد الاستحباب ، أو الحمل على التقيّة.
وهذا وإن كان في حد ذاته من أبعد المحامل الذي لا يصار إليه ، مع إمكان الجمع بين الأخبار بوجه آخر ، لكونه لدى التحقيق عبارة أخرى عن الطرح ، ولكن قد يقرّبه في خصوص المقام ما في بعض الروايات الواردة في الباب من الإشارة الى أنّ القول بثبوت هذا القسم من الزكاة هو مذهب المخالفين (٢) ، ولكن مع ذلك ، الحمل على الاستحباب أظهر ، فإنّ صدور هذه الأخبار المتظافرة المتكاثرة البالغة فوق حدّ التواتر لإظهار
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٧ / ٦٤ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب من تجب عليه الزكاة ، الحديث ١٠.
(٢) انظر : التهذيب ٤ : ٢٧ / ٦٣ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب من تجب عليه الزكاة ، الحديث ٩.