ولا يخفى عليك أنّ المقصود بمثل هذه الأخبار ، وكذا في كلمات الأصحاب المصرّحين بأنّ المسكين أسوأ حالا من الفقير ، بيان المائز بين اللفظين بأخصّيّة المسكين من الفقير ، الموجبة لإرادة مورد الافتراق من الأخير لدى اجتماعه مع الأوّل في اللفظ ، ولذا قالوا : إذا اجتمعا افترقا ، وإلّا فمن الواضح عدم صحّة سلب اسم الفقير عمّن لا يملك شيئا أصلا ، والتجأ إلى تحمّل ذلّ السؤال.
وكيف كان ، فقد حكي عن جماعة القول بالعكس (١) ، وأنّ الفقير أسوأ حالا من المسكين ، مستدلّين على ذلك بما لا ينهض حجّة ، خصوصا في مقابل ما عرفت.
ثمّ إنّ الظاهر المصرّح به في كلام غير واحد عدم ترتّب ثمرة مهمّة على هذا الخلاف ، كما سنوضّحه إن شاء الله.
(وقيل) : الفقراء والمساكين (من يقصر ماله عن أحد النصب الزكويّة).
وهو ضعيف كما ستعرف.
(ثمّ من الناس من جعل اللفظين) أي : «الفقراء» و «المساكين» (بمعنى واحد) أي متساويين في الصدق ، وإلّا فلا ينبغي الارتياب في عدم كونهما مترادفين ، كما يوهمه بعض عبائرهم.
(ومنهم من فرّق بينهما في الآية) ونظائرها ممّا اجتمع فيه الكلمتان.
ففي العبارة إشارة إلى أنّه لا خلاف بينهم في تساويهما في الصدق لدى انفراد كلّ منهما عن الآخر في اللفظ ، بمعنى أنه مهما أطلق لفظ
__________________
(١) كما في كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٤٩٥.