لأنّ إطلاق لفظ أحدهما ، وإرادة ما يعمّ الآخر مجاز لا يصار إليه إلّا مع القرينة ، ومع انتفائها يجب حمل اللفظ على حقيقته.
ومن هنا استشكل في كفارات القواعد ـ على ما حكي عنه (١) ـ في إجزاء إطعام الفقراء عن المساكين إذا لم نقل بأنّ الفقير أسوأ حالا من المسكين. وكذا في الوصيّة للمساكين.
واختار في محكي الإيضاح وجامع المقاصد عدم الدخول في الوصيّة (٢).
ولم يرجّح في وصيّة الدروس ـ على ما حكي عنه (٣) ـ شيئا.
والذي ينبغي أن يقال في حلّ هذا الإشكال ، هو ما تقدمت الإشارة إليه من أنّ إطلاق لفظ المسكين على الأسوإ حالا ، وكذا الفقير إن قلنا به ، ليس لأجل كون هذه الخصوصيّة مأخوذة في مفهوم لفظه ، بل هما وصفان كلّيان أخذ أحدهما من الفقر الذي هو بمعنى الحاجة ، والآخر من المسكنة التي هي بمعنى الذلة ، وهما وصفان متلازمان لذات الممكن من حيث هي.
قال الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» (٤).
وقال تعالى «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ» (٥).
ومن الواضح أنّه لم يقصد بالمساكين في الآية الذين يسألون الناس ،
__________________
(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ١٥ : ٢٩٨ ، وراجع : قواعد الأحكام ١ : ٢٩٤ و ٢ : ١٤٨.
(٢) كما في جواهر الكلام ١٥ : ٢٩٨ ، وراجع : إيضاح الفوائد ٢ : ٤٩٧ وجامع المقاصد ١٠ : ٧٨.
(٣) حكاه صاحب الجواهر فيها ١٥ : ٢٩٨ ، وراجع : الدروس ٢ : ٣٠٨.
(٤) سورة فاطر ٣٥ : ١٥.
(٥) سورة الكهف ١٨ : ٧٩.