بمنزلة دخول الألف واللام في قول الشاعر :
يقول الخنا ، وأبغض العجم ناطقا |
|
إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع [٩١] |
ويستخرج اليربوع من نافقائه |
|
ومن جحره بالشّيحة اليتقصّع |
أراد الذي يتقصّع ، فكما لا يجوز أن يقال إن الألف واللام يجوز دخولهما على الفعل لمجيئه هاهنا لقلّته وشذوذه فكذلك أيضا لا يجوز أن يحتجّ بذلك لقلّته وشذوذه ، وكما قال الشاعر :
[١٩٧] يا ليت أمّ العمرو كانت صاحبي |
|
مكان من أشتى على الرّكائب |
أراد «أم عمرو». وكما قال الآخر :
[١٩٨] باعد أمّ العمرو من أسيرها |
|
حرّاس أبواب على قصورها |
______________________________________________________
[١٩٧] هذان بيتان من مشطور الرجز ، وقد أنشد أولهما ابن منظور (وب ر) وأنشدهما معا موفق الدين بن يعيش في شرح المفصل (ص ٥١) من غير عزو ، وأسند روايتهما إلى ابن الأعرابي ، و «أم العمرو» أراد أم عمرو ، فأدخل الألف واللام على العلم الذي هو عمرو ، وسنذكر لك وجهه ، والصاحب : المعاشر ، لا يتعدى تعدي الفعل على أن فعله ـ وهو صحب ـ متعد ؛ فلا تقول «زيد صاحب عمرا» كما تقول «زيد ضارب عمرا» لأنهم استعملوا صاحبا استعمال الأسماء ، وجمعه أصحاب وأصاحيب ، وصحبان نظير شاب وشبان ، وصحاب نظير جائع وجياع ، وصحب نظير شارب وشرب ، وصحابة ـ بفتح الصاد أو كسرها ـ حكى جميع هذه الجموع الأخفش ، وأشتى : دخل في زمان الشتاء ، فإن أردت أنه أقام في موضع شتاء فقل : شتا يشتو ، وقال طرفة :
حيثما قاظوا بنجد ، وشتوا |
|
عند ذات الطلح من ثني وقر |
والركائب : جمع ركوب ـ بفتح الراء ـ وهو ما يركب من كل دابة ، فعول بمعنى مفعول ، وقيل : الركائب جمع ركاب ، والاستشهاد به في قوله «أم العمرو» حيث دخل الألف واللام على العلم ، قال جار الله في المفصل (١ / ٣٤ بتحقيقنا) : «وقد يتأول العلم بواحد من الأمة المسماة به ؛ فلذلك من التأول يجري مجرى رجل وفرس ، فيجترأ على إضافته وإدخال اللام عليه ، قالوا : مضر الحمراء ، وربيعة الفرس ، وأنمار الشاة. وعن أبي العباس : إذا ذكر الرجل جماعة اسم كل واحد منهم زيد قيل له : فما بين الزيد الأول والآخر ، وهذا الزيد أشرف من ذلك الزيد ، وهو قليل» اه. وقال ابن يعيش في شرح هذا الكلام «اعلم أن العلم الخاص لا تجوز إضافته ولا إدخال لام التعريف فيه لاستغنائه بتعريف العلمية عن تعريف آخر ، إلا أنه ربما شورك في اسمه أو اعتقد ذلك ، فخرج عن أن يكون معرفة ، ويصير من أمة كل واحد له مثل اسمه ، ويجري حينئذ مجرى الأسماء الشائعة نحو رجل وفرس ، فحينئذ يجترأ على إضافته وإدخال الألف واللام عليه كما يفعل ذلك في الأسماء الشائعة» اه.
[١٩٨] أنشد جار الله الزمخشري هذا البيت في المفصل (رقم ٧ بتحقيقنا) وعزاه إلى أبي النجم