قالوا : ولا يلزم على كلامنا إذا كان الأوسط منه ساكنا ؛ فإنه لا يجوز ترخيمه وإن كان له نظير نحو يد وغد ؛ لأنّا نقول : إنما لم يجز عندنا ترخيم ما كان الأوسط منه ساكنا نحو زيد وعمرو لأنه إذا حذف الحرف الأخير وجب حذف الحرف الساكن الذي قبله ؛ فيبقى الاسم على حرف واحد ، وذلك [١٥٧] لا نظير له في كلامهم ، بخلاف ما إذا كان أوسطه متحركا على ما بيّنا.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أنه لا يجوز ترخيمه وذلك أنا أجمعنا على أن الترخيم في عرف النحويين إنما هو حذف دخل في الاسم المنادى إذا كثرت حروفه ، طلبا للتخفيف ، فإذا كان الترخيم إنما وضع في الأصل لهذا المعنى فهذا في محل الخلاف لا حاجة بنا إليه ؛ لأن الاسم الثلاثي في غاية الخفة ؛ فلا يحتمل الحذف ، إذ لو قلنا إنه يخفف بحذف آخره لكان ذلك يؤدي إلى الإجحاف به ؛ فدل على ما قلناه.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قولهم «إنما جوزنا ترخيمه لأن في الأسماء ما يماثله ، نحو يد ودم» فنقول : الجواب عن هذا من وجهين :
أحدهما : أنّا نقول : إن هذه الأسماء قليلة في الاستعمال ، بعيدة عن القياس : فأما قلتها في الاستعمال فظاهر ؛ لأنها كلمات يسيرة معدودة ، وأما بعدها عن القياس فظاهر أيضا ، وذلك لأن القياس يقتضي أن لا يحذف ؛ لأن حرف العلة إذا كان متحركا فلا يخلو : إما أن يكون ما قبله ساكنا أو متحركا ، فإن كان ساكنا فينبغي أن لا يحذف كما لا يحذف من ظبي ونحي وغزو ولهو ؛ لأن الحركات إنما تستثقل على حرف العلة إذا كان ما قبله متحركا لا ساكنا ، وإن كان ما قبله متحركا فينبغي أن يقلب ألفا ولا يحذف ، كقولهم : رحى ، وعمى ، وعصا ، وقفا ، ألا ترى أن الأصل فيها رحي وعمي وعصو وقفو ؛ بدليل قولهم : رحيان ، وعميان ، وعصوان ، وقفوان ، إلا أنه لما تحركت الياء والواو ، وانفتح ما قبلهما ؛ قلبوا كل واحدة منهما ألفا استثقالا للحركات على حرف العلة مع تحرك ما قبله ، إلى غير ذلك مما لا يمكن إحصاؤه ، وعلى هذا سائر الثلاثي المقصور ، وإذا ثبت أن هذه الأسماء قليلة في الاستعمال بعيدة عن القياس فوجب أن لا يقاس عليها.
والوجه الثاني : وهو أنّا نقول : قياس محلّ الخلاف على يد ودم ، ليس بصحيح ، وذلك لأنهم إنما حذفوا الياء والواو لاستثقال الحركات عليهما ؛ لأنها تستثقل على حرف العلة ، أما في الترخيم فإنما وضع الحذف فيه على خلاف القياس ؛ لتخفيف الاسم الذي كثرت حروفه ، ولم يوجد هاهنا ؛ لأنه أقل الأصول ، وهي في غاية الخفة ، فلو جوزنا ترخيمه [١٥٨] لأدّى إلى أن