وقال الآخر ، وهو العجّاج :
[٥٦] يا دار سلمى يا اسلمي ثمّ اسلمي |
|
بسمسم وعن يمين سمسم |
وقال الآخر :
[٥٧] أمسلم يا اسمع يا بن كلّ خليفة |
|
ويا سائس الدّنيا ويا جبل الأرض |
[٤٩] أراد «يا هذا اسمع». وقال الآخر :
[٥٨] وقالت : ألا يا اسمع نعظك بخطّة |
|
فقلت : سميعا فأنطقي وأصيبي |
______________________________________________________
[٥٦] هذان بيتان من الرجز المشطور للعجاج بن رؤبة ، الراجز المشهور ، وقد أنشدهما ابن منظور (س م م) ونسبهما إليه ، ووقع عنده «بسمسم أو عن يمين سمسم» وسمسم : اسم موضع بعينه ، وقال ابن السكيت : هو رملة معروفة ، وفيها يقول طفيل الغنوي :
أسف على الأفلاج أيمن صوبه |
|
وأيسره يعلو مخارم سمسم |
وموطن الاستشهاد قوله «يا اسلمي» حيث اقترن حرف النداء بكلمة اتفق الفريقان على أنها فعل ، فكان مما لا بدّ منه تقدير اسم يقترن به حرف النداء ليصح قولهم : إن حرف النداء مما يختص بالأسماء ، وقد أرشد العجاج نفسه إلى هذا الاسم المقدر ، فأنت تراه قد قال في صدر الشاهد «يا دار سلمى» ثم قال «يا اسلمي» فكأنه قال : يا دار سلمى يا دار سلمى اسلمي ثم اسلمي» والكلام فيه كالكلام فيما مر من الأبيات.
[٥٧] ورد هذا البيت في اللسان (ن ف ض) منسوبا إلى أبي نخيلة ، وقوله «أمسلم» الهمزة فيه لنداء القريب ، ومسلم ـ بفتح الميم الأولى ـ مرخم مسلمة ، وقوله «يا جبل الأرض» أراد به أن الذي يحفظ توازن هذه الأرض من أن ترجف بها الراجفة وتزعزعها أعاصير الاضطرابات ، أخذه من قوله تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ). والاستشهاد بالبيت في قوله «يا اسمع» فإن حرف النداء ـ وهو «يا» ـ قد اقترن في هذه العبارة بكلمة اتفق الطرفان جميعا على أنها فعل ـ وهي قوله «اسمع» ـ والكلام فيه نظير ما قلناه فيما قبله ، ورواية اللسان «أمسلم إني يا ابن ـ الخ» ولا شاهد فيها.
[٥٨] وهذا البيت مما لم نعثر له على نسبة إلى قائل معين ، وقوله «نعظك» مجزوم في جواب الأمر السابق عليه ، وكأنه قال : إن تسمع نعظك ، والخطة ـ بضم الخاء وتشديد الطاء ـ شبه القصة ، وهو أيضا الأمر ، ويقال : سمته خطة سوء ، وقال تأبط شرا :
هما خطتا إما إسار ومنة |
|
وإما دم ، والقتل بالحر أجدر |
وقوله «فقلت سميعا» ينتصب على أنه مفعول ثان لفعل محذوف أو على أنه حال حذف عامله ، وتقدير الكلام : وجدتني سميعا ، أو لقيتني سميعا ، ونحو ذلك. والاستشهاد بالبيت في قوله «ألا يا اسمع» والقول فيه كالقول في نظائره من الأبيات السابقة ونحوها. وكلها يدل على أن اقتران علامة من العلامات الدالة على اسمية الكلمة في اللفظ لا يدل دلالة قاطعة على اسميتها في اللفظ وفي التقدير جميعا ، فالاقتران في اللفظ وحده غير كاف في القطع باسمية الكلمة ؛ لجواز أن يكون قد حذف من الكلام شيء يكون هو المقترن بهذه