يعني : أنّ وصل هاء السّكت بغير الحركة الّتي للبناء المدام (١) شاذّ ، ووصلها بحركة البناء المدام مستحسن.
وفهم منه أنّه لا يوصل بحركة الإعراب البتّة.
فمثال حركة البناء المدام الّذي يستحسن لحاق الهاء معه ـ حركة «الواو والياء» من «هو ، (وهي» ، فيجوز «هوه) (٢) وهيه» ، وقد قرئ بهما (٣) ، وقد شذّ لحاقها في «عل» في قول الرّاجز :
٢٨٩ ـ يا ربّ يوم لي لا أظلّله |
|
أرمض من تحت وأضحى من عله |
__________________
ويوجد أيضا عقبه شرحا له : ذكر في هذا البيت أنّ هاء السّكت إنّما توصل بحركة بناء لازم ، لا كبناء المفرد العلم ، فلا تتّصل به ، وإنّما تتّصل به على وجه الشّذوذ ، وإليه أشار بقوله :
ووصلها ... |
|
... إلخ |
وقال ابن حمدون : لكن قول الناظم :
«ووصلها ... البيت»
يغني عن البيت وشرحه الموجودين في بعض النسخ. وقال الصبان : يوجد في بعض النسخ قبل هذا البيت بيت آخر ، وهو :
ووصل ذي الهاء أجز بكلّ ما |
|
حرّك تحريك بناء لزما |
فيكون قوله : «ووصلها بغير ... إلخ» تفصيلا لإجمال هذا البيت. انظر حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٦٢ ، حاشية الصبان : ٤ / ٢١٧ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ١٧٨ ، الألفية : ١٩٢.
(١) البناء المدام : أي : الملتزم. انظر شرح المرادي : ٥ / ١٨٣ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢١٨.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٢.
(٣) قرأ يعقوب الحضرمي : «هو وهي» في الوقف بهاء السكت حيث وقعا وكيف جاءا من غير خلاف عنه. وقراءة غيره بغير هاء مع إسكان الواو والياء وقفا.
انظر النشر في القراءات العشر : ٢ / ١٣٥ ، ٢١٠ ، إتحاف فضلاء البشر : ١٠٤ ، شرح المكودي : ٢ / ١٦٢ ، شرح المرادي : ٥ / ١٨٣.
٢٨٩ ـ من الرجز ، لابن ثروان (قال البغدادي : وهو من جملة الأعراب الذين كانوا ملازمين باب الخلفاء ، تؤخذ عنهم اللغة والأشعار والنوادر ، وكان أبو ثروان ممن يلازم الكسائي) ، ونسب ثانيهما برواية «من عل» آخر عدة أبيات نسبت في شواهد السيوطي لابن الهجنجل. قوله : «يا رب» ، يا : إما أداة نداء والمنادى محذوف ، والتقدير يا قوم رب ، وإما لمجرد التنبيه ، لأنها دخلت على ما لا يصلح للنداء. لا أظلله : بالبناء للمفعول من «الظل» وهو من باب الحذف والإيصال ، والأصل : لا أظلل فيه فحذف «في» توسعا وانتصب الضمير بالفعل والجملة في محل نصب. ارمض : من رمضت قدمه إذا احترقت من الرمضاء وهي الأرض الحامية من حر الشمس. «من تحت» أصله : «من تحتي» فلما قطع بنيت على الضم.
أضحى : من ضحيت الشمس ضحاء : إذا برزت في وقت الضحى. عله : بمعنى : فوق.
والشاهد في قوله : «عله» حيث لحقته هاء السكت شذوذا ، لأن البناء فيه عارض.