ثمّ إنّ المانع من الإمالة يكون متأخّرا عن الألف ، ومتقدّما عليها ، وقد أشار إلى الأوّل بقوله رحمهالله تعالى :
إن كان ما يكفّ بعد متّصل |
|
أو بعد حرف أو بحرفين فصل |
فهذه ثلاث صور :
الأولى : أن يكون متّصلا بالألف ، نحو «فاقد ، وباخل» (١).
الثّانية : أن يكون مفصولا بحرف ، نحو «منافق ، وباسط» /.
الثّالثة : أن يكون مفصولا بحرفين ، نحو «مواثيق ، ومواعيظ» (٢).
ثمّ أشار إلى المانع إذا كان متقدّما ، فقال رحمهالله تعالى :
كذا إذا قدّم ما لم ينكسر |
|
أو يسكن اثر الكسر كالمطواع مر |
يعني : أنّ حرف الاستعلاء ، والرّاء غير المكسورة ، إذا تقدّما على الألف منعا الإمالة ، بشرط أن يكون المانع غير مكسور أو ساكن بعد كسرة.
فمثال المكسور (٣) : «طلاب» (٤) ، ومثال السّاكن بعد كسرة : «رأيت المطواع» (٥) ، وقد مثّله بقوله : «كالمطواع مر».
وفهم منه : أنّ ما كان على خلاف المثالين المذكورين ـ يمنع الإمالة ، نحو «طالب ، وقادر ، وراكب ، وقبائل ، وضيارم» (٦).
__________________
(١) باخل : اسم فاعل من البخل ، وهو ضد الكرم. انظر اللسان : ١ / ٢٢٢ (بخل).
(٢) أما المتصل أو المنفصل بحرف فقال سيبويه : لا يميلها أحد من العرب إلا من لا يؤخذ بلغته. وأما المنفصل بحرفين فنقل سيبويه إمالته عن قوم من العرب لتراخي المانع ، قال سيبويه : وهي لغة قليلة. وجزم المبرد بالمنع في هذا ، وهو محجوج بنقل سيبويه.
انظر الكتاب : ٢ / ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، المقتضب : ٣ / ٤٧٧ ، شرح المرادي : ٥ / ١٩٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٣٩ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٢٧ ، الهمع : ٦ / ١٨٨ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ١٩.
(٣) في الأصل : المكسورة. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٦.
(٤) الطلاب : مصدر طالبه بكذا : إذا طلبه بحق. انظر اللسان : ٤ / ٢٦٨٤ (طلب) ، المصباح المنير : ٢ / ٣٧٥.
(٥) المطواع : بمعنى المطيع. انظر اللسان : ٤ / ٢٧٢٠ (طوع) ، شرح المكودي : ٢ / ١٦٦. حاشية الصبان : ٤ / ٢٢٧.
(٦) في الأصل : صيارم. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٦. الضبارم ـ بالضم ـ : الشديد الخلق من الأسد ، وهو أيضا الرجل الجريء على الأعداء. قال ابن حمدون : ثم إن التمثيل به خلاف الحق ، لأن الراء المكسورة هنا تمنع مانع الإمالة الذي هو حرف الاستعلاء ، فيجوز فيه الإمالة ، فالأولى الاقتصار على ما قبلها ويبدله بنحو «غنائم». انظر اللسان : ٤ / ٢٥٤٨ (ضيرم) ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ١٦٦.