وقولهم : «هو أشغل من ذات النّحيين» (١).
إذ الأوّل : لا فعل له ، والثّاني : فعله زائد على الثلاثيّ ، والثّالث : فعله لازم البناء للمفعول.
ثمّ قال رحمهالله تعالى / :
وما به إلى تعجّب وصل |
|
لمانع به إلى التّفضيل صل |
أي : ما وصل به إلى التعجّب ممّا لا يصحّ بناء فعله منه ـ يتوصّل به إلى التّفضيل ممّا لا يسوغ (٢) بناء أفعل التّفضيل منه ، فيقال : «هذا أكثر لصوصيّة ، وأشدّ انطلاقا ، وأعظم كونا في الدّار» ، ونحوه.
__________________
إذا الرّجال شتوا واشتدّ أكلهم
ويروى :
أمّا الملوك فأنت اليوم ألأمهم |
|
لؤما وأبيضهم سربال طبّاخ |
ويروى :
إن قلت نصر فنصر كان شرّفني |
|
قدما وأبيضهم سربال طبّاخ |
شتوا : أي : صاروا في زمن الشتاء ، وهو عندهم زمان الجدب والقحط ، وفيه يظهر كرم الكرام وبخل البخلاء. والمراد بقوله : «اشتد أكلهم» أنه تعسر على أكثرهم الحصول على ما يأكلون. والمراد بقوله : «فأنت أبيضهم ... الخ» أنه قليل الطبخ ، فسرباله نقي من دهن اللحم وغيره ، وهذا كناية عن شدة البخل. والشاهد في قوله : «أبيضهم» حيث جاء أفعل التفضيل مما فعله زائدا على الثلاثة ، وهو «أبيض» وذلك نادر.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣٢٥ ، جمل الزجاجي : ١٠٢ ، الحلل : ١٣٦ ، الإنصاف : ١٤٩ ، شرح ابن يعيش : ٦ / ٩٣ ، المقرب : ١ / ٧٣ ، حاشية يس : ٢ / ١٠٦ ، اللسان (بيض ، عمي) ، معاني الفراء : ٢ / ١٢٨ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٨٨٣ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٧٨ ، المقتصد : ١ / ٣٨١ ، شرح الجمل لابن هشام : ١٨٥ ، تذكرة النحاة : ٤٦٧ ، أمالي المرتضى : ١ / ٩٢ ، الخزانة : ٨ / ٢٣٠ ، ٢٣٧.
(١) هذا مثل. وذات النحيين : امرأة من بني تيم الله بن ثعلبة ، كانت تبيع السمن في الجاهلية ، فأتاها خوات بن جبير الأنصاري قبل إسلامه يبتاع منها سمنا ، فلم ير عندها أحدا ، وساومها فحلت له نحيا مملوءا ، فقال : أمسكيه حتى أنظر إلى غيره ، ثم حل آخر وقال لها : أمسكيه ، فلما شغل يديها ساورها فلم تقدر على دفعه حتى قضى ما أراد وهرب ، ثم أسلم فشهد بدرا رضياللهعنه.
انظر مجمع الأمثال : ٢ / ١٨٤ ، المستقصى في الأمثال : ١ / ١٩٦ ، جمهرة الأمثال : ٢ / ٣٢٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٢٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٠١ ، الإرشاد للكيشي : ١٠١ ، اللسان (نحا) ، شرح الأشموني : ٣ / ٤٤ ، الفاخر : ٧٠ ، الهمع : ٦ / ٤٢ ، ٤٣.
(٢) في الأصل : يصوغ.