والثّالث : نحو «استتر» وهو كلّ فعل على «افتعل» اجتمع فيه تاآن ، فهذا أيضا قياسه التّفكيك ، ليبقى ما قبله ساكنا ، ويجوز إدغامه بعد نقل حركته إلى السّاكن قبله ، فتذهب همزة الوصل ، فتقول : «ستّر».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وما بتاءين ابتدي قد يقتصر |
|
فيه على تاكتبيّن (١) العبر |
هذا من باب «تتجلّى» وهو الفعل المضارع المجتمع في أوّله تاآن ، أولاهما للمضارعة ، والثّانية تاء «تفعّل» ، نحو «تذكّر» في «تتذكّر» ، و «تيسّر» في «تتيسّر».
وقد تقدّم أنّه يجوز فيه عنده : الإدغام ، واجتلاب همزة الوصل.
وذكر هنا أنّه يجوز فيه : حذف إحدى التّاءين ، والاستغناء بالأخرى عنها ، ولم يعيّن المحذوفة ، وفيها خلاف : والمشهور أنّها الثّانية ، لأنّ الأولى تدلّ على معنى المضارعة (٢).
والحاصل فيما اجتمع في أوّله من المضارع تاآن ـ أنّه يجوز فيه عنده ثلاثة أوجه : إثباتهما. وإدغام الأولى / في الثّانية مع اجتلاب همزة الوصل ، وحذف إحداهما.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وفكّ حيث مدغم فيه سكن |
|
لكونه بمضمر الرّفع اقترن |
يعني : أنّه إذا التحق بالمدغم فيه ما يوجب تسكينه ، كاتّصال بعض ضمائر الرّفع به ـ وجب تفكيكه ، إذ لا يتصوّر الإدغام في ساكن ، وذلك أن يتّصل به ضمير متكلّم ، أو مخاطبة أو مخاطب ، أو نون إناث ، نحو «رددت ،
__________________
الإدغام إن ابتدىء به ولما يلزم من اجتلاب الهمزة ، وهي لا تكون في أول المضارع ، بل يجوز تخفيفه بحذف إحدى التاءين ، وسيأتي.
انظر الكتاب : ٢ / ٤٢٦ ، شرح المرادي : ٦ / ١١١ ـ ١١٢ ، الممتع : ٢ / ٦٣٦ ـ ٦٣٧ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٥٠ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٦٣ ، الهمع : ٦ / ٢٨٦ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ٢٤٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٠٠.
(١) في الأصل : لتبين. انظر الألفية : ٢١٣.
(٢) وهو مذهب سيبويه والبصريين. وذهب هشام الضرير وأصحابه من الكوفيين إلى أن المحذوف الأولى ، وهي حرف المضارعة. انظر الكتاب : ٢ / ٤٢٥ ، ارتشاف الضرب : ١ / ١٦٣ ، شرح المرادي : ٦ / ١١٣ ـ ١١٤ ، الهمع : ٦ / ٢٨٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٤٠١ ، التسهيل : ٣٢٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ٣٥١ ، شرح الكافية لابن مالك : ٤ / ٢١٨٧.