فهو مصدر أريد به المفعول ، والظاهر أن الكتاب اسم لما يصنف ؛ سمي كتابا لجمعه مقاصد العلم الذي صنف فيه.
(في النّحو) هو علم بأصول يتعرف منها أحوال الكلمة العربية ، التي بها يعرف أحكام التكلم إفرادا وتركيبا (١).
وإنما قيل : علم بأصول يتعرف منها ، ولم يقل : علم أحوال الكلم ليدخل فيه العلم بما هو ، كالمقدمات ، كالكلمة والكلم والكلام والإعراب والبناء وأنواعهما وأقسام المعارف والنكرات ، ونحو ذلك ؛ فإن هذه الأمور أصول يتعرف منها الأحوال ، وليست علما بالأحوال أنفسها. وإنما قيل : التي يعرف بها أحكام التكلم ؛ ليخرج علم المعاني وعلم العروض مثلا ؛ فإن الأول : يتعرف منه أحوال الكلم بالنسبة إلى المطابقة لمقتضى الحال وعدم المطابقة ، والثاني : يتعرف منه أحوال الكلم بالنسبة إلى كونها موزونة بأوزان خاصة.
وإنما قيل : إفرادا وتركيبا ؛ ليشمل علمي الإعراب والتصريف (٢).
(جعلته) أي صيرته لأن الأمر (٣) الكلي الذي في نفسه من العلم (٤) قد كان يمكن أن يصيره على غير هذه الصفة ، ويحتمل أن يريد معنى وضعته واخترعته.
(بعون الله) أي إعانته ، والباء فيه إما للاستعانة ، كما في : كتبت بالقلم ، وإما للحال ، أي مستعينا بالله ، والأول أظهر.
(مستوفيا) أي غير تارك شيئا. يقال : استوفى حقه ، إذا أخذه تامّا ، ويقال : توفى حقه أيضا ، فاستفعل فيه بمعنى تفعل كاستكبر وتكبر.
(لأصوله) أصل الشيء ما ينبني عليه ذلك الشيء. فالكتاب المذكور حاو للأصول ، أي للقوانين وهي الأمور الكلية المنطبقة على جزئياتها فالجزئيات إذا مبنية عليها.
__________________
(١) انظر في هذا التعريف : التذييل والتكميل لأبي حيان (١ / ١٤) ، تحقيق د / حسن هنداوي (دار القلم ـ دمشق). وقد نسب أبو حيان هذا التعريف إلى القاسم بن الموفق الأندلسي (٥٧٥ ـ ٦٦١ ه).
(٢) كان الأولى أن يقول : علمي التصريف والإعراب ، وهو النحو ؛ ليكون اللف والنشر مرتبا.
(٣) تعليل لتفسير جعل بمعنى صير.
(٤) كلمة : من العلم ساقطة من نسخة (ب).