______________________________________________________
يسند إليه ، ومعرفة كون ذلك نظيرا ، متوقفة على معرفة كون هذا اسما.
والجواب : أن المصنف لم يجعل معرفة اسمية الشيء موقوفة على معرفة كونه نظيرا ؛ ليلزم منه أن معرفة كونه نظيرا موقوفة على معرفة اسميته ، بل لما حد الاسم بقبوله للإسناد المعنوي ، وكان بعض الأسماء [١ / ٢٢] الذي علمت اسميته من خارج لا يقبل ذلك ، أراد أن يزيد هذه الزيادة ؛ لئلا يصير الحد غير منعكس.
فهو يقول : إن قيل بأن لنا أسماء مقطوعا باسميتها وهي لا تقبل ما ذكرت.
قلت : إن هي لم تقبله قبله نظيرها ، ثم بيّن المراد بالنظير ليسلم من الدخل.
البحث الخامس :
لقائل أن يقول : لا حاجة إلى قول المصنّف : أو نظيرها. بل الاقتصار على قوله : يسند ما لمعناها إلى نفسها ـ كاف ، وتكون الأسماء التي أشار إليها مما لزم في الاستعمال طريقة واحدة ، من مصدرية أو ظرفية مثلا ، داخلة في الحد غير خارجة عنه ؛ لأن المراد إنما هو صحة الإسناد إلى الكلمة وقبول معناها له. ولا شك أن معاني هذه الأسماء قابلة للإسناد ، ولا يلزم من استعمالها غير مسند إليها ألا يصح الإسناد إليها ؛ فإن المراد إنما هو قبول معنى الكلمة لذلك من حيث الجملة. وجاز أن يسند إليها وألا يسند لعارض الاستعمال اللازم الذي لا تسع مخالفته (١).
__________________
(١) وفي آخر هذا البحث قال أبو حيان في شرحه :
وقد عدل المصنف في حد الاسم عما حدّه النحويون إلى هذا الحدّ الذي ذكره ، وهذا الذي اختاره غير مختار ؛ لأنّ النحويين حدوا الاسم بالأمور الذاتيات التي هي فيه قبل التركيب ، والمصنف حدّه بأمر عارض له حالة التركيب وهو الإسناد المعنوي. وليس هذا شأن الحدود مع ما في حده من غموض اللفظ والإبهام والترديد والمجاز الذي هو مناف للحدّ. إذ الحدّ إنما يؤتى به لإيضاح المحدود وبيانه. وصار كلّ قيد فيه يحتاج إلى شرح طويل ؛ فتحتاج إلى أن تشرح الإسناد والمعنى والنظير ، وهذه أمور فيها غموض لا تناسب المحدود. والإبهام في قوله : ما لمعناها ، والترديد في قوله : أو نظيرها ، والمجاز في قوله : إلى نفسها ، والكلمة لا يقال لها نفس إلا بمجاز.
ويستمر أبو حيان قائلا : وأحسن ما حدّ به الاسم أن يقال :
الاسم : كلمة دالة بانفرادها على معنى غير متعرضة ببنيتها للزمان.
فقولنا : كلمة ، جنس يشمل الاسم والفعل والحرف. وقولنا : دالة بانفرادها على معنى ، احتراز من الحرف ؛ فإنه لا يدل على معنى إلا بضميمه. وقولنا : غير متعرضة ... إلخ احتراز من الفعل.
انظر : التذييل والتكميل (١ / ٤٦).