[زمن الأمر]
قال ابن مالك : (والأمر مستقبل أبدا).
______________________________________________________
التاء التي للغائبة والغائبتين والغائبات غير التاء التي للمخاطب ؛ لأن هذه تدل على الخطاب ، وتلك تدل على التأنيث عوضا من التاء الساكنة اللاحقة آخر الماضي ؛ فهما إن اشتركتا لفظا فمدلولهما مختلف.
وتبين بهذا : أن التاء التي للمضارعة ثنتان : تاء خطاب وتاء تأنيث. وكذا يقال : أنت تفعلين فالتاء لمحض الخطاب والتاء للتأنيث.
وأما الياء : فجعلت للغائب مطلقا ، توفية للقسمة ؛ لأن المتكلم خص بالهمزة ، والمخاطب خص ببدل الواو ، ولم يبق من حروف العلة إلا الياء ، ولم يبق إلا الغائب فأعطيها.
ولما كان الفرق بين المفرد وضديه يحصل في المخاطب والغائب بالضمير ، ولم يجعلوا في التكلم بين المفرد وضده ضميرا للفرق ، أتي بالنون ؛ لتدل على المتكلم غير المفرد (١) ، وكانت النون أولى من غيرها ؛ لما بينها وبين أحرف العلة من الشبه ؛ لأنها تدغم في الياء والواو ، وتبدل منها الألف ، ولهذا أعربت الأمثلة الخمسة بها عند تعذر الحركات وتعذر أحرف العلة.
قال ناظر الجيش : لما تقرر أن الأفعال ثلاثة ، وأن مدلول الفعل حدث وزمان ، وأن الأزمنة ثلاثة ، شرع المصنف في ذكر صيغة صيغة ، وما وضعت له من الأزمنة ، وما يجوز أن يتجوز فيه من تلك الصيغ بالقرائن ، فيستعمل مرادا به زمان آخر وما لا يجوز فيه ذلك ، والكلام على هذا الموضع يستدعي ذكر مقدمة وهي أن يقال :
الكلام نوعان : خبر وإنشاء : والطلب نوع من الإنشاء. ومنهم من جعله خبرا ـ
__________________
(١) معناه : أنك تقول في المخاطب : أنت تقرأ ، وفي مثناه : تقرآن ، وفي جمعه : تقرؤون ، وفي الغائب :
هو يقرأ ، ويقرآن ، ويقرؤون ، وفيه بدأت المضارع بالتاء للمخاطب مطلقا والياء للغائب كذلك ، وجعلت الفرق بين المفرد وضديه بالضمير ؛ فهو في الواحد واحد مستتر ، وفي المثنى ألف وفي الجمع واو ، أما في المتكلم وضده فأنت لا تلحق ضميرا للفرق وذلك لأنك تقول : أنا أقرأ ونحن نقرأ. فلما لم يكن ضمير في آخر المضارع يفرق ، جعل الفرق في أوله ؛ فكان المتكلم بالهمزة وجمعه بالنون.
وهو تعليل عقلي قاله النحاة. ترى هل لاحظت العرب ذلك وهي تنطق؟ ما أعجب النحاة!.