[ترجح زمن الحال في المضارع]
قال ابن مالك : (ويترجّح الحال مع التّجريد).
______________________________________________________
وظاهر كلام سيبويه المنع ، وإلا فلا فائدة في التخصيص (١).
قال ناظر الجيش : للفعل المضارع قرائن تخلصه للحال ، وقرائن تخلصه للاستقبال ، وقرائن تصرفه إلى المضي.
فشرع المصنف في ذكر ذلك وقدم على ما ذكره مسألة وهي :
«أنّ الفعل إذا تجرّد عن القرائن الحاليّة والقرائن الاستقباليّة وغير ذلك ، رجح كونه للحال».
وعلل المصنف ذلك بأنه : «لمّا كان للماضي في الوضع صيغة تخصّه كفعل ، وللمستقبل صيغة تخصّه كافعل (٢) ولم يكن للحال صيغة تخصّه ؛ بل اشترك مع المستقبل في المضارع جعلت دلالته على الحال راجحة عند تجريده من القرائن ؛ ليكون ذلك جابرا لما فاته من الاختصاص بصيغة» (٣).
وأقول : إن في كلام المصنف اضطرابا في المتن والشرح ، وذلك أنه قال :
والمضارع صالح له وللحال أي للاستقبال وللحال ؛ فحكم بالصلاحية لهما وأطلق ، فدل على التساوي في الدلالة عليهما ، فيكون مشتركا ، ثم قال : ويترجّح الحال مع التّجريد. وهذا ينفي الاشتراك ، ولا يقال إن الصلاحية لهما لا يلزم منها الاشتراك (٤) ؛ إذ لا تمتنع الصلاحية مع كونه حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر ، لأنّا نقول إيراده ذلك بعد قوله : والأمر مستقبل أبدا. وسياق كلامه يقتضي أنه إنما ـ
__________________
(١) ليس تخصيصا ، وإنما هو توضيح فقط وبيان أولوية.
والواجب في نفي أي أسلوب مراعاة معنى حرف النفي نفسه :
فلن : للاستقبال ثم للتأبيد على رأي. ولم : يجوز فيها لم يكن ثم كان. ولمّا : لا يجوز فيها ذلك.
وما : لنفي الماضي كثيرا ، ولا : الغالب في نفيها المستقبل. وهكذا.
(٢) الأول وزن للماضي الثلاثي ، والثاني وزن للأمر منه.
(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ٢١) ، وقد أخذ هذه العلة صاحب الهمع (١ / ٨) ولكنه هضم ابن مالك حقه. ويضاف إلى ذلك ما ذكره الفارسي قريبا ، وهي : أن اللفظ إذا صلح للقريب والبعيد ، كان القريب أحق به.
(٤) في نسخة (ب) : يلزم منها الاشتراك ، وصحته لا يلزم كما في الأصل.