[تعيين زمن الحال للمضارع]
قال ابن مالك : (ويتعيّن عند الأكثر بمصاحبة الآن أو ما في معناه وبلام الابتداء ونفيه بليس وما وإن).
______________________________________________________
يذكر ما هو بالوضع للفعل ، فلا يناسب أن يذكر المدلول عليه بالمجاز مع المدلول عليه بالحقيقة.
وأما اضطراب كلامه في الشرح ؛ فإنه قال أولا (١) :
«ولمّا كان بعض مدلول المضارع المسمّى حالا مستأنف الوجود أشبه المستقبل المحض في استئناف الوجود فاشتركا في صيغة المضارع اشتراكا وضعيّا».
وقال ثانيا (٢) : «إنّ دلالته على الحال راجحة» وهذا ينافي القول بالاشتراك ، والحق أنه لا يحكم بترجح الحال عند التجريد من القرائن ؛ لما تبين من أن أصح المذاهب أنه مشترك بين الحال والاستقبال ؛ فلا يتعين لأحدهما إلا بقرينة كسائر المشتركات.
قال ناظر الجيش : هذا شروع في ذكر القرائن المخلصة لكل من الزمانين ، وذكر أن القرائن التي تخلصه للحال خمس.
ونازع المصنف في كل منها ؛ فالظاهر أنه ليس عنده قرينة تخلصه للحال.
فمن القرائن المذكورة : الآن وما في معناه وهو الحين والساعة وآنفا.
قال المصنف (٣) : «وبعض العلماء يجيز بقاء المقرون بالآن مستقبلا ؛ لأنّ الآن قد يصحب فعل الأمر مع أنّ استقباله لازم. قال الله تعالى : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ)(٤). فعبّر عن المدّة التي رفع فيها الحرج عن المباشرين نساءهم ليالي الصّوم وعن مدة بلوغ ذلك إلى المخاطبين ، وعن المدة التي تقع فيها المباشرة ؛ لأن الآن ليس عبارة عن المدة المقارنة لنطق الناطق فحسب [١ / ٣٩] بل الآن عبارة عن مدة ما حضر كونه. فلو أن الكائن لا يتم إلا في شهر فصاعدا ، جاز أن يقال فيه الآن وهو كائن ، ومنه قوله تعالى : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً)(٥). ـ
__________________
(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ١٨).
(٢) المرجع السابق : (ص ٢١).
(٣) انظر : شرح التسهيل (١ / ٢١).
(٤) سورة البقرة : ١٨٧.
(٥) سورة الجن : ٩ ، قال في شرح التسهيل : ومنه أيضا قول علي رضياللهعنه في الخضاب : «كان ذلك والإسلام قلّ ؛ فأمّا الآن فقد اتسع نطاق الإسلام ، فامرؤ وما اختار».