[صرف الماضي إلى الحال والاستقبال]
قال ابن مالك : (وينصرف الماضي إلى الحال بالإنشاء ، وإلى الاستقبال بالطّلب والوعد ، وبالعطف على ما علم استقباله ، وبالنّفي بلا وإن بعد القسم).
______________________________________________________
٤٥ ـ يجزيه ربّ العالمين إذ جزى |
|
جنّات عدن في العلاليّ العلا (١) |
كأنه قال : جزاه رب العالمين إذ جزى ، وجعل الوعد بالجزاء جزاء. وهذا أولى من أن يعتقد في إذ أنها بمنزلة إذا ؛ لأن صرف معنى المبهم إلى المضي لقرينة قد ثبت في كلامهم ، ولم يثبت بقاطع وضع إذ موضع إذا.
قال ناظر الجيش : قال المصنف : «الإنشاء في اللغة مصدر أنشأ فلان يفعل كذا ، أي ابتدأه ، ثم عبر به عن إيقاع معنى بلفظ يقارنه في الوجود كإيقاع التزويج بزوجت ، والتطليق بطلقت والبيع والشراء ببعت واشتريت ؛ فهذه الأفعال وما شابهها ماضية اللفظ حاضرة المعنى بقصد الإنشاء بها ؛ فهذه قرينة تصرف الماضي إلى الحال» انتهى (٢).
وقد علمت مما تقدم : أن الكلام هنا ليس في نقل الصيغ من معنى إلى آخر ؛ إنما هو في تغيير زمانها مع بقائها على المعنى الذي هي موضوعة له ، وأن المصنّف ـ
__________________
(١) البيتان من الرجز المشطور والأول منهما في معجم الشواهد (ص ٥٦٥) قائلهما أبو النجم العجلي ، وقد رويا برواية أخرى (الأمالي الشجرية : ١ / ٤٥ ، ١٠٢).
ثمّ جزاه الله عنّا إذ جزى |
|
جنّات عدن في العلاليّ العلا |
واستشهد به ابن الشجري : على أن الشاعر وضع إذ التي للظرف الماضي مكان إذا التي للمستقبل ؛ وذلك لتحقق الوقوع.
والاستشهاد به هنا : أن المضارع منصرف إلى المضي إذا عمل في ظرف ماض وهو هنا يجزيه العامل في إذا. وانظر البيت في التذييل والتكميل (١ / ١٠٩) وفي معجم الشواهد (ص ٥٦٥).
ترجمة «أبو النجم» : هو الفضل بن قدامة من عجل ، كان ينزل بسواد الكوفة في موضع يقال له الفرك أقطعه إياه هشام بن عبد الملك لما مدحه بأرجوزته التي أولها : الحمد لله الوهوب المجزل.
كانت بينه وبين العجاج منافرات ، وكان وصّافا للفرس.
انظر ترجمته في الشعر والشعراء : (٢ / ٦٠٧) والخزانة : (١ / ٤٨).
(٢) انظر : شرح التسهيل (١ / ٣٠).